ليس الغني من إمتلك مالا كما هو العرف السائد، فالغنى في النفس غنى، والسلطة غنى، والعلم غنى، والجاه وسواها من اسباب الحضور والتاثير، ولكن الغنى البغيض هو غنى اصحاب المال والسلطان الذي يفرقهم عن العامة من الناس فيحاولون ان يتميزوا عنهم بطرق العيش من لباس وطعام وسيارات ومنازل وسفر وعلاقات لاتصلهم بالناس العاديين فيعمدون الى النخب، أو الذين على شاكلتهم، وإذا مرضوا فليجأون الى السفر، أو دخول المستشفيات الخاصة، وحين يراجعون الصيدلية فيبحثون عن الدواء غالي الثمن. هم يحاولون أن يكونوا مختلفين..
فشل ذوو المال والسلطان في إعتراض المرض والشيخوخة والتقدم في العمر والموت، وهي مراحل يمر بها الإنسان سواء كان غنيا، أو فقيرا، حتى إنهم فشلوا في صناعة شمس خاصة بهم، وقمر يضيء لهم لياليهم التي يظنونها مختلفة، وفشلوا في البقاء بلانوم، أو فتح جفونهم وإغلاقها في الوقت الذي يشاءون، وفشلوا في ان يطيروا دون ان يستخدموا طائرات السفر..
صحيح أنهم بنوا لأنفسهم قصورا فخمة، وجعلوا فيها حمامات ومسابح، وغرسوا في حدائقها أشجارا جميلة مونقة مزهرة، ولكنهم فشلوا في تناول الطعام بطريقة مختلفة، أو وجدوا بديلا عن اللحم والطماطم واللبن والعدس والثوم والبصل، وبقية المنبوتات ليتميزوا بها عن غيرهم، وتكون لهم وحدهم لايشاركهم فيها أحد.
فشل الأغنياء في أشياء كثيرة برغم محاولتهم صناعة الإختلاف، وفشلوا في إيجاد بديل عن التبول والتغوط كما يفعل العامة، وصحيح إنهم إستخدموا الحمامات النظيفة والفارهة والمناديل الورقية المعطرة، ولكنها حاجات يمكن أن يحصل عليها أي واحد منا، عدا عن إنهم لايستطيعون تأجيل الحاجة للتبول والجلوس في الحمام لبعض الوقت مع بذل بعض الجهد للتخلص من أشياء ثقيلة يرغب كل مخلوق حيواني وإنساني التخلص منها حتى لو دفع لذلك المال.
يقول الشاعر
ياأخي لاتمل بوجهك عني
ماأنا فحمة ولاأنت فرقد
قمر واحد يطل علينا
وعلى الكوخ والبناء الموصد