قصيدة تفيض بالدمع والاسى والاحزان. من اروع الاشعار التي تحدثت عن فاجعة الغزو المغولي لبغداد. بكى فيها صاحبها دولة بني العباس وبغداد المنكوبة. ووصف فيها شر الطاغية هولاكو وجريمته الوحشية

قصيدة توثق مأساة.

كانت نكبة اجتياح بغداد على يد المغول بقيادة الطاغية الاكبر في التاريخ هولاكو في القرن السابع الهجري عام ستمائة وستةوخمسين للهجرة بداية لسلسلة من المصائب ومنعطفا خطيرا في تاريخ الامة الاسلامية كلها. كانت فاجعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وعدها بعض المؤرخين انهيارا للحضارة الاسلامية كلها. وكان الشاعر شمس الدين الكوفي من ابرز من وثقوا لهذا الحدث الجلل بالشعر. فنظم قصيدة بدموعه على هذه المدينة العظيمة وندب فقدانه الاهل والاحباب والاصحاب. في كلمات تفيض بالدمع والاسى. لم يصل شاعر قبله ولا بعده الى ما وصل اليه في رثاء الدولة العباسية ووصف تلك الفاجعة وكأن قلبه ينفطر حزنا. وقد جاء في مطلع قصيدته.
عندي لاجل فراقكم الام
فالى ما اعزل فيكم والام
من كان مثلي للحبيب مفارقا
لا تعدلوه فالكلام كلام
نعم المساعد دمعي الجاري على خدي الا انه نمام.

ووقف على اطلال بغداد يبث اللوعة والاسى ومرارة الحرمان قائلا
يا سادتي اما الفؤاد فشيق
قلق ادمعي فسجام
والدار مزعدمت جمال وجوهكم
لم يبق في ذاك المقام مقام لا حظ فيها للعيون وليس للاقدام في عرصاتها اقدام.
والله اني على عهد الهوى باق
ولم يغفر لدي ذمام
فدمي حلال ان اردت سواك
والعيش بعدكم علي حرام.
ويسترسل في وصفه للدمار الذي حل بالمدينة التي احبها. وكأنها محبوبة فقدها او غادرت ويعدها بالوفاء والبقاء على العهد ما دام حيا. فينتحب قائلا
قف في ديار الظاعنين ونادها
يا دار ما فعلت بك الايام
اعرضت عنك لانهم قد اعرضوا
لم يبق فيك بشاشة تسدام.
يا دار اين الساكنون واين ذيا كلبها وذلك الاعظام
يا دار اين زمان ربعك مونقا وشعارك الاجلال والاكرام.
يا دار مذ افلت نجومك عمنا والله من بعد الضياء ظلام.

ويخاطب احبته الذين فقدهم بالاجتياح السافر قائلا

يا غائبين وفي الفؤاد لبعدهم
نار لها بين الضلوع ضراب
لا كتبكم تأتي ولا اخباركم تروى
ولا تدنيكم الاحلام.
نغصتم الدنيا علي وكلما جد النوى ولقيت من صرف الزمان وجوره ما لم تخيله لي الاوهام.

ويخدم قصيدته الباكية المبكية بالقول
ليت شعري كيف حال احبتي؟
وباي ارض خيموا واقاموا
ما لي انيس غير بيت قاله صب رمته من الفراق سهام
والله ما اخترت الفراق وانما حكمت علي بذلك الايام

شمس الدين الكوفي شاعر من نوابغ الشعراء البغداديين. ولد في بغداد عام ستمائة وثلاثة وعشرين للهجرة لاسرة كريمة. وكان من صغره محبا للعلم والادب عمل مدرسا وخطيبا وواعظا. كان يحب بغداد حبا جما. ويبدو ذلك جليا في رثائه لها وحزنه عليها. وكأنها محبوبة فقدها .اذ عاصر الاجتياح المغولي للمدينة وكيف ارتكب فيها هولاك ابشع المجازر فقتل اهلها وشردهم ونكل فيهم ودمر حضارتها وعلومها. خاصة باستهدافه المكتبات ودور العلم والمساجد ليبقى الاجتياح المغولي لبغداد. غصة في قلوب العرب والمسلمين الى اليوم.