22 ديسمبر، 2024 7:26 م

مازالت الفوضى الأميركية تدمر المنطقة!

مازالت الفوضى الأميركية تدمر المنطقة!

يرى صامويل هانتنغتون في نظريته الخاصة بصراع الحضارات أنه عندما يصل أي مجتمع إلى أقصى درجات الفوضى المتمثلة في العنف الهائل وإراقة الدماء، وإشاعة أكبر قدر ممكن من الخوف لدى الجماهير، فإنه يصبح من الممكن بناؤه من جديد بهوية أخرى تخدم مصالح الجميع… وهي النظرية التي تبنتها كوندوليزا رايس وأدخلتها إلى حيز التطبيق في أمم وشعوب الشرق الأوسط.

لن تهدأ منطقة الشرق الأوسط ولن ترى الاستقرار السياسي والأمني حتى تتحقق الأهداف الاستراتيجية للمشروع الأميركي القديم الجديد«الفوضى الخلاقة».

ورغم مرور أكثر من سبعة أعوام على اندلاع ثورات الربيع العربي التي شملت معظم الدول العربية ذات الأنظمة الشمولية، وهي خطوة أولى في اتجاه تطبيق المشروع الأميركي على أرض الواقع، فمازال العنف الطائفي قائما، والفوضى منتشرة في كثير من الدول المفصلية في المنطقة، كاليمن والعراق وسورية وليبيا ودول أخرى أكبر وأوسع نفوذاً يجري إدخالها بالقوة في المشروع الفوضوي الأميركي، كتركيا وإيران، وربما السعودية ودول الخليج فيما بعد.

وتركز اهتمام الدوائر الغربية على منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث سبتمبر بعامين في 2003، من خلال إشاعة الفوضى، وتدمير كل ما هو قائم، ومن ثم إعادة البناء حسب المخطط الذي يخدم مصالح القوى المتنفذة. ومن أكثر المفكرين الذين تحدثوا عن هذا الأمر اليميني الأميركي «صامويل هانتنغتون» صاحب نظرية «صراع الحضارات»، حيث بنى نظريته على أساس أن الصراع العالمي القادم سيكون حضارياً، مع التركيز على معاداة الحضارة الإسلامية، التي يرى أنها لا يمكن بحال أن تنسجم مع الحضارات الأخرى… والنظرية تعني باختصار «أنه عندما يصل المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى المتمثلة في العنف الهائل وإراقة الدماء، وإشاعة أكبر قدر ممكن من الخوف لدى الجماهير، فإنه يصبح من الممكن بناؤه من جديد بهوية جديدة تخدم مصالح الجميع».

وجاءت وزيرة الخارجية الأميركية ومستشارة الامن القومي السابقة «كوندوليزا رايس» لتتبنى النظرية وتدخلها إلى حيز التطبيق وتجربها على أمم وشعوب الشرق الأوسط بكاملها، بحجة أن حكومتها تريد نشر الديمقراطية بعد عمليات فوضوية عارمة، لا تبقي ولا تذر! حيث صرحت بأن الولايات المتحدة ستلجأ إلى نشر الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط في سبيل إشاعة الديمقراطية.

ولم يكن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» المفاجئ على المسرح السياسي في المنطقة، وسقوط المدن واحدة تلو الأخرى في العراق وسورية بيد المسلحين ودخول روسيا في المشهد السوري وتوسيع إيران لنفوذها في المنطقة، وغزو تركيا لمدينة عفرين السورية ومشاركة إسرائيل في العمليات العكسرية بين فترة وأخرى بفعالية، وكذلك الصمت المريب الذي أبدته أميركا والمجتمع الدولي حيال الهجوم الكاسح للقوات العسكرية العراقية وميليشيات الحشد الشعبي بالتعاون والتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني على مدينة كركوك واحتلالها وطرد القوات الكردية منها، لم تكن كل تلك الأحداث المتتابعة إلا في إطار التحضيرات الأميركية لترسيخ مشروعها الاستعماري الفوضوي في المنطقة، وجر تلك المنطقة إلى دوامة من العنف الشديد وانعدام الاستقرار والحرب الطائفي والعرقي لا تنتهي إلا بانتهاء الجميع شعوباً ودولاً وتدميرها تدميراً كاملاً باسم الديمقراطية وإعادة تأهيلها وتأديبها «من أول وجديد!»