تعدّ زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني الى بغداد تأريخية بإمتياز، لأنها تأتي في لحظة تاريخية حرجة، قبل المواجهة العسكرية المرتقبة مع أمريكا، وهي تعيش أسوأ وأقسى حصار إقتصادي تاريخي لها،وهي أول زيارة وآخر زيارة له الى العراق،وكان أول خرق( للسيّادة العراقية ) المهتوكة أصلاً، هي قيام الرئيس روحاني، بزيارة الإمام موسى الكاظم (ع)مباشرة من المطار ، دون المرور بالبروتوكول الدبلومسي والرئاسي، ويأتي (نغل إيراني) وينتقد وصول الرئيس الامريكي ترمب، الى قاعدة عين الأسد ،لا (إحم ولا دستور ) ولاعلم حكومة عادل عبد المهدي، وهذا الخرق يؤكد أمريّن أساسييّن، هما انتهاك لسيادة العراق وإهانة للرئاسة والحكومة والشعب معاً،والأمر الآخر هو إعتبار العراق ولاية إيرانية ، ولايفسّر غير ذلك ابداً، ولكن لنذهب الى هدف وغرض الزيارة الاساسي، وهو هدف سياسي وإقتصادي وعسكري، لنقول أن ايران تريد إرسال رسائل للإدارة الامريكية والعالم، أنّ النفوذ الايراني، هو الأقوى في العراق، والهدف الآخر هو للإلتفاف على العقوبات ،التي فرضتّها الإدارة الإمريكية، والتحالف الدولي ضدها، كما صرّح روحاني، بعد إعلان ترمب والتحالف بدء الحصار الإقتصادي والنفطي على ايران، حيث ذكر قائلاً( أنْ إيران ستعمل بقوة على الإلتفاف على العقوبات الأمريكية وإفشالها)، واليوم ينفّذ روحاني وعده، ويعقد أتفاقيات إقتصادية وسياسية وأمنية مع العراق، لكي يفلت من العقوبات، ومن هذه الإتفاقيات ،العودة الى إتفاقية الجزائرالملغة من الجانب الايراني،و التي تتيح لإيران التحّكم بشط العرب والحدود، كما أعلن روحاني، إلغاء الفيزا للعراقيين، لكي يسّهّل إدخال وإخراج الاموال والنفط والسلع، وكل شيء فرضه الحصار عليها، ويسمح لإيران توريد السلاح لدعم فصائله في سوريا والعراق، وتصديرالبضائع وغيرها، وفتح الحدود على مصرعيها مع العراق ،حتى يرفع صادرات ايران للعراق الى (20) مليار دولار، أما الهدف العسكري، فهو لدعم الفصائل المسلحة التابعة له في العراق، والتي وضعتها أمريكا على لائحة الإرهاب الدولي،وتوجيهها، وتزويدها بكلّ ما تحتاجه عسكرياً في المواجهة المرتقبة ، من توجيهات واسلحة وصواريخ وعتاد وخطط عسكرية وغيرها، وماذا بعد ، وهناك أهداف اخرى، وهي اللقاء بالمرجع الأعلى في النجف، للحصول على دعم ديني لإيران في الشارع العراقي،وربما إصدار فتوى برحيل القوات الأمريكية من العراق، كما فعل وأصدر فتوى عدم مقاتلة الامريكان، أبان الغزو الامريكي على العراق ، مقابل 200 مليون دولار، إعترف بها وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد، بتسليمها الى المرجعية ، وذكرها الحاكم المدني سيء الصيت بول بريمر، في كتابه (عامي في العراق) ،ولاتتوقف زيارة روحاني الى هنا ففي أجندته وبرنامج زيارته، هو اللقاء مع عشائر الجنوب ،الذي ( حضرّهم ) له، وزير خارجيته جواد ظريف، ليقول للعالم أنّ العراقيين يرحبّون به، ويدعمون إيران في مواجهتها مع أمريكا، وهي كذبة وتضليل إعلامي تستخدمه طهران ، لتوريط عشائر العراق في دعمها لإيران على حساب مصلحة أمن وإستقرار العراق، إدخاله عنة في الصراعات العسكرية والسياسية ، وجعل الاراضي ساحة للصراع ،مع أمريكا يدفع ثمنها العراقيون، في وقت هم بأمس الحاجة الى الاستقرار وفرض الامن، والنأي عن سياسة المحاور الاقليمية والدولية ، لاسيما بعد القضاء على تنيظيم داعش الإرهابي، وطرده نهائياً من العراق وسوريا، ولكنْ ماهو موقف الإدارة الأمريكية، من هذه الزيارة المشبوهة، لروحاني الى العراق، يقيناً ، أن الادارة الامريكية، تراقب تحركات إيران كلها ، سواء كانت في العراق، وتحشيد فصائلها وأجنحتها وأحزابها ضد التواجد الامريكي ،والسعي لإستصدار قرار برلماني يطالب الأدارة الامريكية ،بسحب قواتها وغلق قواعدها من العراق، أو في اليمن مع الحوثيين أو في لبنان التي وضعته هي وبريطانيا على لائحة الارهاب الدولي، أو في سوريا التي يطالب فصائلها ،والحرس الثوري ،وفيلق القدس، والميليشيات العراقية التابعة لها ،بمغادرة الاراضي السورية ،وفي مقدمتها روسيا، وأزاء كل هذا يستمر التحشد العسكري الأمريكي الغير مسبوق ،وسحب قواته من الدول، وانشاء قواعد عسكرية لها في العراق ، وسط رفض أحزاب السلطة في العراق، ولاءات عمار الحكيم ،زعيم تيار الحكمة ضد الوجود الامريكي ،وتهديدات هادي العامري زعيم منظمة بدر، بضرب المصالح والقواعد الامريكية ،حال إعتدائها وإنطلاق عملياتها العسكرية ضد ايران، وكذلك عصائب أهل الحق وحركة حزب الله والنجباء، التي وضعتها أمريكا هي وزعيمها على لائحة الإرهاب، نحن أمام سيناريو وإستراتيجية بالغة التعقّيد ، تنفذها الإدارة الامريكية ببطء شديد في العراق، بوصفها أكبر قوة عسكرية تتدى أمريكا ،تابعة لإيران يعول عليها حكام طهران، لحصر المواجهة على الأراضي العراقية، وعدم نقلها الى الاراضي الإيرانية مهما كان، وهذا ما يؤكد الدعم العسكري الايراني اللامحدود للميليشيات والفصائل والحشد الشعبي ، للقتال بالإنابة عنهم، وهذا ما تتحسّبه أمريكا وتعمل على إفشال السيناريو الايراني، بتفكّيك وتحجيّم الميليشيات ،وسحب أسلحتها، وحلِّ الحشد الشعبي ،وما غلق 255 مقرا، للميليشيات (الوهمية) الخارجة عن القانون، حسب حكومة عبد المهدي، الاّ دليل على سعي وإصرّار أمريكا تفكيّك الفصائل، وسحب أسلحتها ووضعها على لائحة الارهاب الدولي، كما فعلت مع حركة النجباء قبل يومين، وما نشاهده على الارض، من تخوفات وتحضيرات للأحزاب ،وميليشياتها وتكديس الأسلحة في أماكن بعيدة عن عيون الأمريكان، وتحشّيد المحافظات المحررة، بالترغيب والترهيب ، إلاّ يقين لديها، أنها لابد وأن تحصل المواجهة مع الأمريكان ، وهذا ما تعوّل عليه إيران وتصرّ عليه، لذلك تستعّجل أمريكا بتجريد أسلحة الفصائل وتجريدها من السلاح بأية صورة، وما قيام الجيش الامريكي بإعادة تسليح الصحوات، وتأسيسها في المناطق والمدن المحررة، الا دليل إضافي على تنفيذ الإستراتيجية الامريكية بحذافيرها ، في مرحلة مابعد داعش، وغداً يعقد مؤتمر النخب والكفاءات العراقية، كمعارضة عراقية في واشنطن، الرافضة للنفوذ والاحتلال الايراني للعراق، وطرد عملاؤه وأحزابه ،بدعم أمريكي لامحدود ، وهذا ايضا إعتراف امريكيلالمعارضة، وإلتفاتة (ولو متأخرة )، في تصحيح مسار السياسة الامريكية الخاطئة في إحتلال وغزو العراق عام 2003، وهو ما وعد به الرئيس ترمب، الذي أمامه تحديات كبرى في الوصول الى الرئاسة مرة أخرى ، وعليه تحقيق إنجازات خارجية إستثنائية، لضمان تأييد الناخب الامريكي له وإنتخابه وضمان الفوز، ومن هذه الانجازات التي يسعى لها الرئيس ترمب، هي إسقاط نظام الملالي، الذي دخل حّيز التنفيذ، وتطبيق (صفقة القرن) مع الدول العربية لتسوية القضية الفلسطينية، وإزاحة أحزاب السلطة التابعة لإيران ولاءاً وتأسيساً ،التي جاء بها المجرم بوش بعد غزوه اللاشرعي للعراق، وتنصيبّهم على حكمه، والتي حمّلها الرئيس ترمب تدمّير العراق، ونشر الطائفية، وتهجير الملايين من شعبه ، وظهور ظاهر تنظيم داعش الإجرامي في العراق ،بسبب السياسة الطائفية المقيتة ،لحكومات ما بعد الاحتلال ،وتحديداً فترة حكم نوري المالكي، ، والتي وقعت الحرب الطائفية الاهلية بولايته، وقتل مئات الالاف من العراقيين ،وهجّر الملايين بالاقصاء والتهميش والالغاء والاجتثاث، زيارة الرئيس روحاني زوبعة في فنجان، لاتقدم ولا تؤّخر ،ولاتنقذه من نهاية حكمهم ،ولا إلتفافهِ على العقوبات، التي أنهكّت إقتصاد إيران، بإعترافه هو،. الإدارة الامريكية ماضية، في تنفيذ إستراتيجيتها لمواجهة عنجهّية إيران، وتوسعّها وتغوّلها في منطقة الشرق الاوسط ،الذي تشكّل إيران الخطر الأكبر، بوصفها راعية الارهاب الاولى في العالم ، زيارة روحاني جاءت في الزمن الخطأ، والوقت الضائع، ونقول لهُ كعراقيين ، لقد سبق السيف العذل يا روحاني ، ولم يبقْ لزيارتك أية قيمةً، تعوّل عليها، لتنقذ نظامك الدموي من نهايته المحتومة …