23 ديسمبر، 2024 7:14 ص

ماذا يريد مقتدى الصدر؟

ماذا يريد مقتدى الصدر؟

قبل ذلك لماذا لانسأل: وماذا يريد الاخرون ؟! ولماذا تراجع جميع القادة في الصف الاول خطوة الى الوراء وبرز الزعيم الشاب وحيدا في المقدمة يضبط ايقاع اللعبة السياسية في الوقت والمكان الذي يريد ؟ . المشهد السياسي العراقي افصح عن سيطرة شبه مطلقة للصدر فبيان واحد غير كل توجهات الكتل الاخرى وخططها وحفظ الرئاسات الثلاث في مكانها بعد ان كان النواب المنتفظون قاب قوسين او ادنى من الاطاحة بها وهنا سؤال اخر : من أين للصدر كل هذا التأثير وكيف ؟.اجابات الاسئلة الاربعة التي طرحناها ستوضح صورة جزئية من المستقبل وأذا ما بدئنا بالاجابة على الاسئلة بطريقة معكوسة سنصل الى الاجابة على السؤال في عنوان المقال .
من أين للصدر كل هذا التأثير وكيف ؟
اتباع الصدرغالبيتهم من المسحوقين والفقراء ، يلبونه وقت مايريد ويقفون معه دون ان يناقشه منهم احد، مقتنعون ان الرجل يعبر عنهم ويرونه صادقاً، الاهم أنه بنظرهم مقدس وهذا شأنهم وهم أحرار فيما يعتقدون . رجال الصدر من السياسيين الذين التقيتهم طوال السنوات الماضية كلهم تقريباً على سجيتهم عدا نائب رئيس الوزراء المستقيل بهاء الاعرجي الوحيد كان مختلفا، ويتقمص شخصية غير شخصيته ويلبس ثوباً غير ثوبه وهذا يبقى رأي شخصي ربما اكون فيه مخطئاً. سياسيو الصدر لايستنكفون من تابعيتهم له فهم يحبونه بصدق، لم ينشق سياسي من كتلته رغم قساوته عليهم وهذا واحد من مصادر قوته ولم يغمزواحد منهم سرا على بياناته وقراراته مثلما يفعل السياسيين مع زعماءهم في كتل اخرى . لايتكلف الصدر حين يخاطبهم فيضمن خطابه مفردات اتباعه .وبذا فالزعيم الشاب اتباع مخلصون . للصدر ايضا رؤية مختلفة عن شركاءه في التحالف الوطني في طبيعة العلاقة مع الشريكيين السني والكوردي في الداخل والمتنفذيين الجاريين السعودي والايراني في الخارج  والاهم أن جل السياسيين الذين ألتقيتهم من منصفيه ومبغضيه أتفقوا على أن الشاب يأخذ مشورته من رأسه ولايتبع أحداً . وبعد ان حددنا اوراق قوة الصدر سنحاول ان نعرف لماذا تراجع جميع القادة وبرز الزعيم الشاب وحيدا؟
يحلم كل القادة السياسيين العراقيين تقريباً ان تكون لهم قواعد جماهيرية كتلك التي يملكها الصدر الا ان ذلك ليس بالامر الهين فهذه القاعدة تكونت نواتها في مرحلة عصيبة ومهمة ابان ثورة والده السيد محمد محمد صادق الصدر الذي اغتيل في شباط عام 1999 واتهمت فيها اجهزة نظام الرئيس الراحل صدام حسين . ورغم ان الشارع هو اهم ادوات المرحلة اليوم في عملية الضغط على الشركاء واستعراض العضلات ظل القادة يبتعدون عن استخدامه لجهة معرفتهم ان هذه التظاهرات ستكلفهم كثيراً من المال وهي غير مضمونة لجهة انها قد تكشف ضعف وهزالة المشاركة اذا ماكانت الاعداد ضعيفة وهو ما تكرر في اكثر من مناسبة . وبما ان الشارع ضغط بقوة عبر تظاهرات مطالبة باصلاح النظام السياسي القائم على المحاصصة فأن الصدر استخدم سلاحه الحاضر دوماً ” القواعد الجماهيرية ” الحاضرة والملبية والمتطلعة الى زعيمها بكونه الرجل ذو اليد البيضاء من وجهة نظرها وهذا ما يفتقد اليه الاخرون بالاضافة الى الفراغ الذي خلفه غياب خطب مرجعية السيد علي السيستاني ولم يكن غير الصدر قادراً على ملئه بشخصيته الدينية والسياسية .
وبما ان القادة الاخرين لايملكون الادوات ولايملكون القواعد الجماهيرية اللازمة لاحداث تأثير لجهة تغيير ما ففضلوا ان يكونو متفرجين من المدرجات ولايشاركوا باللعب على قاعدة ( مجبر اخاك لابطل ) . ولكن ماذا يريد الاخرون ؟ وقبل ان نحاول معرفة ماالذي يريده الصدر نسأل : ماذا يريد التحالف الوطني والتحالف الكوردستاني واتحاد القوى ( السنية ) الجواب كما عبرت عنه تلك الكتل كل على حدة بوضوح تام فكتل التحالف الوطني ( الشيعي ) لاتريد ان تغامر مطلقاً بمنصب رئاسة الوزراء وهي ملتزمة بذلك باتفاقاتها مع الكتل الاخرى والتي تضمن لهم ماتحاصصت عليه معهم ومنها منصب رئيس مجلس النواب والذي كان واحدا من المناصب الذي شكى اتحاد القوى من المساس به معتبراً أقالة سليم الجبوري أستهدافا للمكون السني فيما انسحب الكورد واعتبروا ان مايجري هو ضرب للتوافق الوطني واختصر احد النواب الموقف الكوردي بانه “واقف على التل” بأنتظار ماستؤول اليه الامور . واذا ماعدنا للتحالف الوطني فأنها لم ترتقي  في رؤيتها لما تطلع اليه الزعيم الشاب وظلت بعضها تراهن على السفارات وعلى الجارة ايران تحديدا في ضبط ايقاع الصدر وظلت اقصى غايتها هي:
(1) التاثير على شريحة من  الجمهور تحضيرا للانتخابات .
(2)الابقاء على وزراءهم في مكاتبهم كضمانة اخرى للانتخابات .
(3) حلم خطف منصب رئيس الوزراء . ولاندري ولايدري احد ماذا سيحقق لهم هذا الحلم الذي ظلت تتطاحن كتل التحالف للحصول عليه منذ العام 2006 وحتى اليوم .
متقدى الصدر تطلع للفراغ وملئه بسرعة وتحرك وفق نظرة تخطت الانتخابات والوزراء ورئاسة الوزراء بل ربما اكثر من ذلك فهو يريد ان يحقق وعوده لقواعده الجماهيرية من خلال كل تلك النقلات السياسية، خطابات ، اعتصامات ،تهدئة ،تراجع ، مناورة وفي اللحظة المناسبة يأمر جناحه العسكري سرايا السلام بالتوجه الى ( تازة خرماتو) فالرجل حاضر في تفاصيل الاحداث .
التحالف الوطني بكتله واحزابه يزعجه دائما تحرك الصدر وابتلاعه لمصدر القرار حيث ان احد النواب قال لي بالحرف ” ربما مستقبلا ستطالبنا الكتل الاخرى باوراق قبول ورضى ومباركة من السيد وهذه المرة السيد سيكون مقتدى الصدر”  ومن هذه القراءة في واقع تحرك الصدر والمحيطين به يمكن الوصول الى النقطة التي سيصل اليها الزعيم الشاب دون ان يكون قد خطط لها او تطلع اليها بكونها هدف فدائما يحصل على اكثر مما يريد ومما يريد له الاخرون .