أشيعَ مؤخراً عن لقاءات يُجريها، محمد بن نايف ولي العهد السعودي، معَ قبائل ووجهاء السعودية، وهي سابقة في سِياقات عَمل ولي العهد، مِثلما تُسجل سابقة على تصرفات الأسرة المالكة.
التسريبات أكدت إن بن نايف يُحاول جاهداً، تقضية جزء مِن يومه في لقاءات مع ركائز المُجتمع السعودي، وهذا بالطبع ليسَ عادة الأمراء، لهذا يكون الأمر باعثاً للشكوك، في خطوات الأمير الباحث عن خِلافة الملك.
مرةً أخرى يُثبت نظام بني سعود وجود خِلاف داخل الأسرة، ففي الوقت الذي تؤكد التسريبات، قُرب تنازل الملك سلمان عن المُلك لولده، تتزايد حِدة الصراع بين المُحمدين (بن سلمان وبن نايف)، ما يطفو الأمر ويتعدى أروقة القصور، إلى المشاكل التي تتعرض لها السعودية.
بدأ الملك سلمان بتسويق أبنه؛ كأنه رجل الحلول الأول، فقد صور الصحفي الأمريكي البارز “توماس فريدمان”، الشاب المُرشح لخلافة والده، بأنه قادر على حل المشكلات الأقتصادية والسياسية والعسكرية، جاء ذلك في تقريره الذي نشرته في وقتٍ سابق، صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، وقد دسَّ فيه السُم في العسل، فبينَ ماوصفه من تغيير حاصل في السعودية، يؤكد “فريدمان” على تواجد ألف متطوع سعودي ضمن المجاميع الأرهابية، محاولة منه لأعطاء جانب الصراحة على حديث الأمير الشاب!
إذاً؛ ما هو سبب تأخير إعلان تنازل الملك سلمان؟!
بالرجوع إلى بيعة الملك سلمان ملكاً للسعودية، وما تبعها من أنتخاب ولي و ولي ولي العهد، وقتها بدأ الحديث عن خلافات حادة داخل الأسرة، كان مصيرها مجهولاً لولا تدخل الولايات المُتحدة، التي وزعت المناصب بين الجناحين المتصارعين، لكسب تأييد الأسرة وتمنع حدوث أنشقاقات غير متوقعة.
الأصل لم يكن سليماً، فالمناصب وزعت بالتساوي فيما عدى منصب الملك الصوري حالياً، فالداخلية كانت حصة بن نايف، الذي يحاول بين الفينة وأخرى أبراز عضلاته، فيما ذهبت الدفاع لبن سلمان الشاب الذي زجَّ نفسه والسعودية، بحربٍ خاسِرة في اليمن.
سلسلة تغييرات طالت كبار مسؤولي النظام، وكل البدائل كانوا من الموالين للجناح السديري، الذي يمثله الملك وأبنه، والذي يتصارع منذ القدم مع الأجنحة الأخرى، التي تختلف معه بالنسب (من جهة الأم).
هذا يعني أن سلمان قد أقنعَ الأمريكان بولده، ومن جانبهم الأمريكان مقتنعون جداً بملكٍ طائش، ينفذ سياساتهم في المنطقة، ما بقي شيء إلا أقناع الداخل السعودي، الذي يعتبر بن سلمان غريباً عنه، وهذه فرصة اتيحت لمحمد بن نايف لأستمالة القبائل إليه، خصوصاً وهو يتمتع بعلاقات مع زعماءها، لتهيئة الأجواء لزجها في اي صراع محتمل..
كان وما يزال، المجتمع السعودي بقبائله ومثقفيه لا يمثل شيئاً مهماً للأسرة المالكة، لكن يبدو إن بن نايف يتوقع جدياً نشوب صراع داخلي، قد يتحول إلى أقتتال داخلي عام، خصوصاً مع توتر الأجواء الداخلية عقب حالات الأعدام الأخيرة، وتعرض الحدود السعودية لقصف القوات اليمنية.
سواءٌ حصلَ ذلك أم لم يحصل، سيبقى وريث سلمان يواجه أكبر الأزمات، سياسياً وأقتصادياً وأجتماعياً وعسكرياً، وسيكون غير محظوظ بالمرة، لأنه لن يمكث طويلاً..