التظاهرات التي دعا لها السيد مقتدى الصدر وعلى مدى اسبوعين تحتاج الى وقفة وتأمل ، كون الصدر هو أحد اركان العملية السياسية ، ويمتلك 7 وزراء ، و40 نائباً في مجلس النواب ، وان نوابه هم مشتركون في اغلب اللجان البرلمانية (المالية ، النزاهة ، وغيرها من اللجان ) ، وكان الاولى ان يكون التحرك من داخل قبة البرلمان ، خصوصاً وان الجميع متفق على ضرورة محاربة الارهاب الداخلي “الفساد” ، كما ان الاجدر بالصدر ان يبدأ بنوابه ووزراءه ليكون قدوة للآخرين في تنفيذ الاصلاحات .حضور بهاء الاعرجي الى ساحة التظاهرات هو الاخر أعطى رسائل سيئة جداً ، وعكس صورة سوداوية عن حرب الصدر على الفساد ، كون الاخير يمتلك أكبر شبكة لبيع العملة في بغداد ، وهو مسؤول عن اغلب شركات الصيرفة في بغداد عموماً ، كما انه متهم في ابتزاز الناس وشراء منازلهم في الكاظمية تحت التهديد ، وغيرها من ملفات الفساد والتي جعلت السيد الصدر يوعز بحجز الاعرجي على ذمة التحقيق في هذه الملفات .خطاب الصدر لم يكن واضحاً ، أذ أشار الى ضرورة تغيير الكابينة الوزارية وبحسب قوله ” شلع قلع ” وهذا يعني خلط الصالح بالطالح ، فأين التقييم وأين المتابعة ، وأين اليات العمل الحكومي في إثابة النزيهة وطرد السارق ، وإيجاد آلية قانونية في تقييم عمل الوزراء بعيداً عن الاستهداف السياسي ، والنيل من الخصوم ، والبدء بسلسة إصلاحات جوهرية على العمل الحكومي ، والتي من اهمها أيجاد برنامج حكومي ، وخطة خمسية ، ووضع الموارد اللازمة لهذه الخطة ، والاستعانة بالشركات الرصينة في عملية بناء البنى التحتية للبلاد . اعتقد كان الاولى بالسيد الصدر تقديم ورقة عمل ، وخارطة طريق مستقبلية ، وعدم الركون الى التظاهرات التي سوف لن تأتي بثمارها سوى ارباك الوضع الداخلي ، وهذا ما يستفيد منه داعش والخلايا النائمة في بغداد والمحافظات الامنة ، وأستحصال موافقة الكتل السياسية بدل العمل الفردي ، لان ربما يسلط الضوء قليلا على شخص الصدر ، ويجعله بطلاً في نظر جمهوره وعموم المواطنين ، إلا انه من جانب آخر لا يملك اي ايجابية من الجانب السياسي ، بل بالعكس يخلق جواً متوتراً ، وزيادة في الشرخ سواء في داخل التحالف الوطني أو مع باقي القوى السياسية التي تعمل على أصلاح الحقيبة الوزارية والذهاب الى الانتخابات المبكرة .لايمكن القاء منظومة الفساد على شخص بعينه أو مجموعة أشخاص ، ولا على موقع ، ولكن يبقى الفساد منظومة وشبكة متجذرة ، تحتاج الى انظمة تمزقها ، وتشريع قوانين تحد من عمليات السرقة اليومية التي تمارس من الاموال العامة ، وإيجاد جهاز رقابي ومحاسبي لجميع مسؤولي الدولة العراقية ومنذ 2003 ووفق شعار ” من أين لك هذا” ، و البدء فوراً بإجراءات رقابية على عمليات التهريب المنظمة ، وغسيل الاموال التي يمارسها رموز النظام البعثي عبر وسطاء متنفذين في العملية السياسية ، من بيع وشراء للمنازل ، وتحويل الاموال الى دعم شبكة داعش الارهابية ، لان تغيير الفاسد لا يعني القضاء على الفساد لان هناك منظومة قائمة وتعمل ، وربما بعضها يسرق بصورة قانونية وتحت غطاء القانون . تبقى اي تظاهرات لا قيمة لها ، ما لم تحمل برنامجاً واضحاً في الاهداف ، وتبقى مجرد شعارات ربما الغاية منها سياسي ، أو ربما تأتي لإعادة السيد الصدر الى الواجهة بعد اعتزاله السياسية ، كما يجب على التيار الصدري ان يكون واضحاً في موقفه من العمل الحكومي عموماً والبدء بسحب وزراءه من الحكومة ، وتشكيل لجنة داخلية للمساءلة للوزراء الصدريين ، وإيجاد البدلاء النزيهين وبما يحقق نجاح العمل الحكومي من جهة ، وتقدم في رؤية الصدر الاصلاحية .