18 ديسمبر، 2024 8:15 م

ماذا يحصل في اقليم كوردستان؟

ماذا يحصل في اقليم كوردستان؟

ما يحصل اليوم من أعمال تخريب وحرق للمؤسسات الحكومية ومقرات الاحزاب السياسية في بعض أجزاء اقليم كوردستان، إنما هو في الواقع امتداد لما حصل في السادس عشر من أكتوبر الماضي، حينما دخلت قوات الحشد الشعبي مدينة كركوك وبعض المدن الكوردستانية الأخرى بمساعدة وتسهيل من المرتزقة الأكراد وعلى رأسهم لاهور شيخ جنكي ابن أخ جلال الطالباني.
تلك الزمرة باعت بعض المدن الكوردستانية من أجل حفنة من الدولارات. إذ تحالفت مع الحشد الشعبي والحرس الثوري الايراني بقيادة قاسم سليماني، فحصل ما حصل من قتل لأبناء الشعب الكوردي، خاصة في مدينة طوز خورماتو، وتشريد أكثر من مئة ألف من أبناء هذا الشعب. وقد قال العبادي في حينها ان القوات الامنية، دخلت تلك المدن لفرض سلطة القانون فيها، وحماية المواطنين ومنع تقسيم البلاد. أي قانون تحدث ويتحدث عنه العبادي وكيف يفسر لنا تدمير أجزاءً كبيرة من طوز خورماتو وارتكاب مجازر فيها وإحراق المنازل وتشريد الناس، بل وفرض حصاراقتصادي ظالم على الاقليم والتعاون مع تركيا وايران لكسر شوكة الشعب الكوردي واجباره على الغاء نتائج الاستفتاء الذي أجري في الخامس والعشرين من شهر أيلول الماضي والذي صوت فيه 93% بنعم؟
تلك الزمرة التي تحالفت مع ايران والحشد الشعبي والتي باتت منبوذة من الشعب الكوردي، استغلت في الأيام الاخيرة تظاهرات السليمانية ومناطق أخرى من الأقليم لإبعاد الانظارعن خيانتها الكبرى واشعال الفتنة والتمهيد لحرب أهلية، لكي لايجد الشعب الكوردي فرصة لمحاسبتها على فعلتها الدنيئة في السادس عشر من اكتوبر.
ليس هناك خلاف على حق الجماهير بالتظاهر والمطالبة بحقوقها وايصال صوتها الى مسامع حكومة الاقليم من أجل تحسين أوضاعها المعيشية وتوفير سبل الراحة لها. لكن أن يندّس مسلحون بين تلك الجماهير ويقومون بالاعتداء على مؤسسات الدولة واطلاق النار على القوات الامنية والناس الابرياء بل واضرام النار في ممتلكات الشعب، فهذا لايأتي من باب الصدفة، بل بتعاون تلك الزمرة مع استخبارات ايران المنتشرة كالجرذان في مدينة السليمانية ومناطق أخرى من الاقليم وبتدفق الاموال من الحكومتين الايرانية والعراقية على أصحاب النفوس الضعيفة بغية تمهيد الأجواء لاحتلال باقي مدن الاقليم بحجة فرض سلطة القانون.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد في إشارة لتلك الأحداث انه سيتخذ اجراءات لازمة اذا تعرض أي مواطن للاعتداء في اقليم كوردستان، متصوراً انه قادر على خداع أبناء الشعب الكوردي والعالم أيضاً بموقفه المزيف هذا، في وقت تستمر فيه قوات الحشد الشعبي والقوات الأمنية مدعومة من ميليشيات ايرانية وأخرى تابعة لحزب الله اللبناني بتدمير مدينة طوز خورماتو والتنكيل بابناء الشعب الكوردي في كركوك وخانقين وكذلك في وقت ينتهج فيه نفس سياسات نوري المالكي في محاربة اقليم كوردستان. وها هو اليوم يدفع بالمزيد من قواته العسكرية والحشد الشعبي نحو قضاء مخمور. وهذا يعني ان اقليم كوردستان معرض اليوم لتهديد كبير بل ولمؤامرة أكبر لزعزعة أمنه.
صحيح أن أعمال الشغب وقعت في السليمانية والمناطق التابعة لها، لكن الهدف الحقيقي كان توسيع رقعة تلك الأعمال لتصل الى أربيل العاصمة ومن ثم دهوك ليعم الفوضى في جميع أنحاء الاقليم، وبالتالي إعطاء ذريعة لحكومة بغداد للتدخل العسكري بحجة الدفاع عن الناس هناك واسقاط الحكومة، لتكتمل المؤامرة. لكن يقظة حكومة الأقليم وقواتها الامنية حالت دون وقوع تلك الكارثة.
وفي هذه الاثناء تعالت أصوات العنصريين من سياسيين وكُتَاب وصحفيين تابعين لدولة القانون، مطالبة بتدخل بغداد في الأقليم بحجة تهدئة الاوضاع فيه وحماية المواطنين. هؤلاء يذرفون دموع التماسيح على ابناء الشعب الكوردي وفي قلوبهم حقد كبير على هذا الشعب الذي يتعرض اليوم الى أكبر مؤامرة تشارك فية أطراف من داخل الأقليم وخارجه.
اللعبة باتت مكشوفة والشعب الكوردي يقظ ولن يسمح للعنصريين والحاقدين بتحقيق أحلامهم الخبيثة بالنيل منه، لكن هؤلاء لن يتعلموا من دروس التاريخ، لان نفوسهم مليئة بالحقد.