كل مرة تُعيدنا التفسيرات الى نقطة البداية، وفي أحوال مستجدة الى أبعد منها، وتُدخلنا القرارات في دوامة التجاذبات القانونية والسياسية والطعون والتقاضي، والنتيجة تسويات سياسية مبتكرة تلتقي بأنصاف الحلول، وتصبح المخالفات عرفاً سياسياً وباب لأزمات مستقبلية، وبعد دوامة العد والفرز يدخل العراق في نفق التمديد البرلماني، فهل يحق للبرلمان تمديد عمره، أو هل نبقى بدون برلمان لحين إعلان النتائج بعد نهاية عمر البرلمان؟
الإعتقاد الخاطيء يترك الأمور على علاتها، والواقع غير المستقر نتيجة جريمة حمقاء إقترفها ساسة بحق شعبهم، بتعمدهم تعطيل بناء الدولة.
يعتزم أعضاء البرلمان العراقي عقد جلسات متتالية، في الأيام الأخيرة من عمر البرلمان، وأراد النواب الخاسرون على إجراء تعديل رابع على قانون الإنتخابات، لضمان بقائهم لحين إنتهاء عمليات العد والفرز والمصادقة على النتائج، وذهب أعضاء منهم على مخالفة آخرى، بحيث تمت القراءة الأولى والثانية دون نصاب، ناهيك عن أساس المخالفة التي لا تجوّز التشريع خارج الفصل التشريعي.
هل يمكن البقاء بدون برلمان؟ هكذا يلوح الخاسرون، وكأن العراق سيدخل إشكالات كبيرة لا يمكن الخروج منها، فيما أشارت المادة 56 من الدستور الى تحديد عمر البرلمان بأربعة سنوات تقويمية تبدأ من أول جلسة له عقدت في 1\7\ 2014م، وهذا عقد بين الناخب والنائب، لا يمكن التصرف به دون العودة الى الطرف الثاني.
المادة 64 من الدستور العراقي أشارت الى إمكانية حل البرلمان بطلب من ثلث أعضاءه أو طلب رئيس الجمهورية، والتصويت بثلثي الأعضاء، وبذلك تصبح الحكومة لتصريف الأعلام ويطلب رئيس الجمهورية الى إنتخابات تشريعية خلال مدة أقصاها 60 يوم، وبطبيعة الحال نحتاج على الأقل 15 يوم للنتائج والمصادقة عليها، و 15 يوم لإنعقاد أول جلسة برلمانية جديدة، منها ينتخب رئيس للبرلمان ورئيس جمهورية، ويكلف رئيس الجمهورية رئيس للوزراء لتشكيل حكومة خلال شهر، وبعد إنتخاب الحكومة، يبدأ البرلمان خطوات إدارية للنواب، وإقرار نظام داخلي وتشكيل لجان، وعلى الأقل هذه العملية تستغرق شهر،، وهنا الدولة خمسة أشهر بدون برلمان، ناهيك عن أربعة أشهر سنوياً عطلة تشريعية، وفي العراق متى ما يشاء النائب يأخذ إجازة أو يغيب دون حساب.
إن الفراغ المتوقع بين العد والفرز اليدوي لا يستغرق شهراً، والحكومة بكامل صلاحياتها، بعد إقرار قانون الموازنة والخطط السنوية ورصد الأموال اللازمة، ولا تحتاج الدولة لتشريعات طارئة، وأن حصلت يمكن للحكومة المصادقة عليها مع الطرف الآخر مع وضع شرط مصادقة البرلمان القادم، وأما الرقابة فهي من واجب هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العمومين.
تَمردَ عدد من النواب على رؤوساء كتلهم وخالفوا الدستور، نتيجة ما وقع عليهم من ضرر جراء رفض الناخب لهم.
بملخص بسيط هؤلاء الخاسرون فقدوا أصوات ناخبيهم لأنهم أرادوا الفوضى، ولم يكونوا بمستوى تطبيق دستور كلفهم بخدمة شعبهم بالنيابة، وقصروا بدورهم الرقابي والسياسي، بعد أن جعلوا من البرلمان منصة للتنابز والتقايض، والنتيجة جاءت بعقاب ناخب، وعليهم بدل من البحث عن أساليب مخالفة للدستور، أن يراجعوا أفعالهم طيلة السنوات الأربعة السابقة، وسيجدون عدم تجديد عقد الناخب لهم أبسط عقوبة شعبية.