23 ديسمبر، 2024 6:18 ص

ماذا وراء فتح ملفّات الفساد في المحافظات؟

ماذا وراء فتح ملفّات الفساد في المحافظات؟

دفعة واحدة تنفتح ملفات الفساد الإداري والمالي في المحافظات .. من أقصى جنوبها، البصرة، إلى الشمال (تكريت) والغرب (الرمادي)، وثمة في الطريق قضايا فسادها في محافظات أخرى.
أمر الفساد في الحافظات وسواها في حدّ ذاته غير مثير للعجب والاستغراب بأي مستوى.. بلاد الرافدين في عهدها الجديد تفيض بالفساد بكل أشكاله وألوانه، كما لم يفضْ الرافدان (دجلة والفرات) في تاريخهما. التوقيت هو ما يدعو للسؤال .. لماذا الآن بالذات وفساد المحافظات، كما فساد الوزارات، على كل لسان تقريباً، وآثاره وعواقبه الوخيمة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، يراها حتى العميان، منذ عشر سنوات في الأقل؟
مجلس محافظة الانبار (الرمادي) يصوّت بالأغلبية على إقالة المحافظ صهيب الراوي من منصبه على خلفيّة ما وُصِفَ بأنه “تورّط في عمليات تلاعب” (فساد إداري ومالي) وصدور حكم قضائي عليه بالسجن لمدة سنة.
إلى الشمال في محافظة صلاح الدين (تكريت) يُقبَض على المحافظ أحمد عبد الله الجبوري بموجب مذكرة من محكمة النزاهة في بغداد وأحكام عليه بالسجن على خلفية اتّهامات بتنفيذه مشاريع وهمية على الورق في مناطق كان يحتلها تنظيم داعش الإرهابي والاستيلاء على أراض مملوكة للدولة وتسجيلها باسم شركة خاصة وتقطيعها وبيعها لحسابه الخاص، بحسب ما أُعلن.
أمّا في البصرة فإن أوراق قضية محافظها ماجد النصراوي المتّهم هو الآخر بالفساد، قد أحيلت إلى هيئة النزاهة للتحقيق فيها، بحسب ما أوضحه بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء.
وفي الطريق الآن قضايا أخرى من هذا النوع ( فساد إداري ومالي تحديداً) تتعلق بمحافظين وأعضاء مجالس محافظات، كما أعلن عضو مجلس النواب علي البديري الخميس.
قبل هؤلاء كان قد حُكِمَ على محافظ بابل صادق مدلول السلطاني بالسجن والغرامة عن قضايا فساد مالي وإداري، وهو أُوقف بالفعل، لكن لبضعة أيام فقط ثمّ أُطلِق سراحة لشموله بأحكام قانون العفو الذي شرّعه مجلس النواب أخيراً.. هذا القانون أعفى مرتكبي جرائم إرهابية وجرائم فساد مالي وإداري ارتُكبت قبل تشريع القانون.. صفقة تمت في ما وراء كواليس مجلس النواب .. أحزاب الفاسدين وأحزاب الارهابيين توافقت على القانون لتحقيق مصلحة متبادلة .. فاسد في مقابل إرهابي، ليعيشا (الفاسد والإرهابي) عيشة سعيدة في ظل أحزابهما.
أمر جيد أن يُلاحق المتّهمون بالفساد وأن يُقدّموا إلى القضاء .. لكن ما هو غير جيد أن يقتصر الأمر على فاسدين بعينهم دون غيرهم… التوقيت يفضح المرامي والغايات من فتح بعض ملفات الفساد في بعض المحافظات .. أيلول المقبل موعد الانتخابات المحلية، وصار من المؤكد تقريباً الآن تأجيل الموعد إلى نيسان من العام المقبل ليتوافق عقد الانتخابات المحلية مع إجراء الانتخابات العامة (البرلمانية).. ماكنة فتح ملفات الفساد يجري إحماؤها الآن لإطاحة فاسدين واستبدالهم بفاسدين آخرين منافسين .. هذه هي القضية بقضّها وقضيضها ومِن ألفها إلى يائها.
الفساد في العراق حيّ لا يموت .. يواصل الفيضان كما لم تفضْ مياه الرافدين في أيّ زمان، ذلك أنّ له دولة عميقة تحميه مثلما تحمي الإرهاب!