23 ديسمبر، 2024 5:44 م

ماذا وراء زوبعة قانوني الأحوال والمحكمة الجعفريين؟

ماذا وراء زوبعة قانوني الأحوال والمحكمة الجعفريين؟

ليس بجديد على المشهد العراقي، حصول مثل هذه الإشكاليات التي تتداخل فيها الآراء السياسية والإجتماعية مع الرؤية التشريعية للمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف. فقد شهد عام (1959) آبان حكم عبد الكريم قاسم، إثارة قضية تمدين قانون الأحوال الشخصية، بإسلوب حداثوي يتناغم مع الثقافة الغربية الليبرالية، متجاوزاً التعاليم والتشريعات الفقهية الإسلامية، التي وردت بنصوص صريحة في القرآن الكريم، ومن تلك القوانين: المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة. بدورها قامت المرجعية الرشيدة بزعامة السيد محسن الحكيم (قده) بإتخاذ موقف صارم في منع صدور مثل تلك القوانين المخالفة للشرع الإسلامي الحنيف. وفي الوقت الحاضر؛ فإن الإشكالية المثارة تتعلق بموضوع مشروعي الأحوال المدنية، والقضاء الجعفري والمقدمين من قبل وزير العدل العراقي (حسن الشمري).

الغاية من المشروعين هي قضية واحدة، تتعلق بسن قوانين الأحوال الشخصية وفق المذهب الجعفري وتنفيذها في محاكم جعفرية كذلك. وقد أعلن حسن الشمري ان مشروع القانون عرض على مجلس الوزراء، والأخير قرر تأجيل المشروع الى ما بعد الانتخابات البرلمانية، كما وأعلن المجلس عن تبلور ثلاث وجهات نظر طرحت جميعاً للتصويت:
الأولى : تدعو الى تبني مشروع القانون، بعد موافقة المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة اية الله العظمى السيد علي السيستاني.
الثانية : تنص على إدخال مشروع القانون المقدم ضمن القانون الحالي، بعد موافقة المرجعية الدينية العليا والتقاضي على أساسه لمن يطلب ذلك فيما كانت.
الثالثة : أن يتم تبني مشروع القانون بعد الانتخابات التشريعية القادمة، وبعد موافقة المرجعية العليا عليه.
وقد طُرح خلال الجلسة جميع وجهات النظر الثلاث على التصويت، فلم تحصل على الأصوات اللازمة للمصادقة عليها سوى وجهة النظر الثالثة.
وبهذا يخرج الأمر عن ساحة المرجعية العليا؛ حتى انتهاء الانتخابات التشريعية التي تجري في نيسان المقبل.
إما المرجعية فقد صرحت عن طريق ممثليها، عدم رفضها للمشروعين مبدئياً، بل إنها طرحت نفس الصيغة عن طريق ممثلها في البصرة فيما سبق؛ لكن الأطراف السياسية رفضت القانون. كما عبرت عن تأييدها أي مشروع قانون يخدم الشعب العراقي، ويساهم في تحقيق تطلعاته إذا وجد الأرضية الصالحة لإقراره ولا يهمّها من يكون هو مقدّم المشروع، وأمّا مع فقدان الأرضية الصالحة لذلك فتمتنع عن الزج بنفسها في امر لا يستتبع الا مزيداً من الجدل العقيم.

فما جرى من إحداث فرقعات إعلامية، وتصريحات تسيء الى المرجعية الرشيدة، بتحميلها مسؤولية عدم إقرار تلك القانونين؛ لا يعدو كونه من أجل إحداث زوبعة إنتخابية. والا فلا جدال في كون المرجعية مع أي فرصة متاحة، لسن قانون يخدم التشيع.