حين قرأتُ ما كتبه السيد أسعد عبد الله عبد علي يوم الجمعة / الثالث عشر- نوفمبر/ في موقع كتابات، تعرّفتُ نمطاً جديداً مُذهلاً ممّنْ يدعون أنفسهم أساتذة جامعيين، كُلّفوا بتربية وتعليم الطلبة الذين أوكلهم آباؤهم أمانة ً لديهم.، ليتعلموا مزيداً من العلم والتربية.
أنا لا أعمّمُ ,, لم يصعقني الخبرُ.. اذْ أنّ للفساد أشكالاً وأنواعاً. تحدّث السيد أسعد عن سُما الطالبة المُتميّزة جداً ، وكيف ساومها استاذُها العجوزعلى شرفها، هدّدها بالرسوب في مادته التي يُدرّسُها ، فأبت كرامتُها أن تنصاع له وتثلم سمعة عائلتها الكريمة. فأخبرت والدها بمُرادِ استاذها المُربّي منها.
ثارتْ كرامةُ العراقيين في رأسه ، فمنع ابنته عن االدوام. وبكلّ ايمانه بعدالة ما سيُدافعُ عنه هبّ الى عميد الكلية ليكشفَ له حقيقة الأستاذ الدكتور ، فاذا به يُفاجَأ بدفاعه عنه ويكيلُ المديحُ له.
عاد الأبُ وكأنّي به يقول: وصل الفسادُ الى هنا، فماذا بقيَ في عراق الشرف والكرامة.
هذه الحالةُ أعادتني الى سنوات طويلة حين كنتُ مثل سُما في جامعة بغداد.. ذهبنا خمسُ طالبات الى سينما روكسي. في منتصف الفيلم انقطعت الكهرباء. غشيتنا ظلمةٌ شديدة ، شبكنا أيدينا ببعضها ونحن جالسات ، آنذاك لم تكن الكهرباء تغيبُ طويلاً كما هي الأن في بلدنا. أُنيرت الصالةُ فشاهدنا زملاءنا قد أقاموا طوقاً حولنا، تحمينا شهامتُهم ممّن تُسوّل له نفسه الاقتراب منا.
اليوم تركت سُما كليتها، عافت دراستها، وغداً ربّما ستفعلُ أخريات ما فعلته. أهذه هي الخطة الجديدة لمسخ ثقافتنا، بمَ نُقايضُك يا زمنُ لتعيد الينا الأمنَ والخبز والصحة، لتعيد الوطن َ شامخاً ، غنيّاً، لتعيدَ الى بعضهم الغيرة العراقية التي تحمي الشرف. .. لا مُهجّرين ولا نازحين تسترهم خيام ٌ تهزّها ٌالرياحُ وتخترقُها مياهُ المطر.
عيون الكبار لا ترى، وآذانهم لا تسمعُ .
انْ كانت ذي القصّة صحيحة ً فعلى العراق السلام.
…..
أين هم كبارُنا من ملك السويد كارل غوستاف السادس عشر الذي فتح القصور الملكية لايواء اللاجئين الى السويد بعد أن وصل تعداُدُهم الى ثمانمئة ألف لاجيء، والبلدُ لم يكن تهيّأ لهذا العدد، كما أوصى المسؤولين عن قلعة ستوكهولم بمبناها الجميل الوسيع ليكونَ سكناً لمَنْ لا يربطهم به دينٌ ولا قوميةٌ ولا تأريخ.
لعلّ اللهَ يهدي الضالين وتزول هذه المحنة عن وطننا. هنا تذكرتُ قول الشاعر هُدبة بن خشرم :
عسى الكربُ الذي أمسيتَ فيه
يكونُ وراءه فرجٌ قريبُ
