5 نوفمبر، 2024 5:54 م
Search
Close this search box.

ماذا نفعل؟

عندما إجتمع الحزبان الديمقراطي والاتحاد الوطني الكوردستانيين، في أربيل في السادس عشر من شهر تموز الجاري، بحضور نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كوردستان– نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني. بهدف تشكيل لجنة مشتركة من المكتبين السياسيين للحزبين لإعداد برنامج مشترك طموح يضم مطالب الكورد، للتفاوض مع الأطراف العراقية الفائزة في الانتخابات، وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة. بادر المجتمعون الى دعوة بقية الأطراف الكوردستانية الفائزة في الإنتخابات للمشاركة في كتابة المشروع المشترك والذهاب معاً الى بغداد.

الإجتماع وما تمخض عنه من إتفاق، وضع الآخرين أمام أمرين، الأول: مطالب الكورد، وهي معروفة لدى الجميع، ولا تخرج عن مستحقات دستورية وقانونية، وقد أكد عليها الرئيس مسعود بارزاني في لقاءاته الأخيرة مع العراقيين والأمريكيين والبريطانيين والأوروبيين، وتتجسد في الشراكة والتوافق والتوازن. والثاني، السعي لضم بقية الاطراف الكوردستانية الى اللجنة المشتركة التي تتولى كتابة البرنامج والذهاب معاً الى بغداد. وهذا الأمر مهم لأنه يؤثر على وحدة الموقف وتجاوز الأزمات الموجودة في الإقليم.

نيجيرفان بارزاني، لم ينتظر الرد الرسمي للأحزاب الكوردستانية الأخرى الفائزة في الإنتخابات، إذ إنه وبعد مبادرة الحزبين الرئيسيين بيومين فقط، و خلال مراسم افتتاح مركز التدريب والتطوير في وزارة كهرباء إقليم كوردستان، كرر توجيه الدعوة إلى الأطراف الكوردستانية لإصلاح ذات البين وتحسين العلاقات وتوحيد الصفوف والمشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية القادمة ببرنامج كوردستاني مشترك لتحقيق شراكة حقيقية في العراق وتحقيق الحقوق الدستورية لأقليم كوردستان، خاصة بعد وصول الأيام الصعبة الى نهايتها وبروز أفق مضيء ومستقبل أكثر إشراقاً أمام إقليم كوردستان.

الأوضاع الحالية ومواقف الأحزاب الثلاثة (التغيير، الجماعة الإسلامية، والإتحاد الإسلامي) الذين كانوا في صلب العملية السياسية ومشاركين في حكومة الإقليم، ويتحملون جزءاً كبيراً من المسؤولية، والذين حاولوا إعلامياً تغيير خطابهم بعد أحداث إكتوبر الماضي، وناوروا لإحراج حكومة الإقليم وتبليغها رسالة غريبة وعجيبة وغامضة وقابلة للتأويل حسب المبتغى، و ضربوا عرض الحائط إتفاقاتهم الصريحة التي وقعوها خلال تشكيل الحكومة الحالية. تثير الكثير من التساؤلات وفي مقدمتها : ما هي الأخطاء التي حدثت؟. من الذي أخطأ؟. هل كان المخطيء متعمداً؟. وهل نحاسب المخطيء ونعاقبه، أم نسامحه كما سامحنا الكثيرين قبله؟. وماذا نفعل تجاه الأخطاء؟. أجوبة غالبية الاسئلة معروفة، ولكن الوقت الحالي ونحن نعاني من أزمات لا تخلو من إفتعال، ومن الصبغة الشخصية في الصراع السياسي، وأمامنا تحديات عديدة مترابطة تكشف عنها الوقائع، والإحتقان الداخلي النابع من النزعات الاستحواذية، والمواقف الضيقة التي تثقل كاهل المواطن وتستنزف طاقاته، والرغبة الشديدة في إزاحة الخصم لإثبات الذات، يستدعي الإجابة على التساؤل الأخير، وهو (ماذا نفعل ؟).

حرصاً وتأكيداً على هذا ال (ماذا نفعل). نسمع كل يوم أصواتاً تدعو الى الحوار والإنفتاح والتعاون ومنح الفرصة للإنخراط في حوار سياسي بناء بين الكوردستانيين. ولكن للأسف الشديد نسمع الذين لا يفهمون قواعد اللعبة الديمقراطية، ولا يجيدون العزف على أوتار المواقف السياسية التي تتطلبها كل مرحلة، والذين لايعرفون خصوم الكورد ولايفهمون لغتهم، يتحججون بعدم توفير الأرضية المناسبة للحوار، ويحاولون فرض لغة مغايرة لأمر الواقع. لذلك يصفهم البعض بأنهم أطراف سياسية لا يمكن التفاهم معها، وان الحوار معهم أشبه بحوار الطرشان، وهدر للوقت وزيادة للمعاناة.

الأرضية التي يتحدثون عنها، ربما لم تكن موجودة قبل الآن، لكن عدم وجودها لا يعني إستحالة ظهورها الآن، أو في المستقبل القريب، وبالذات عندما يلاحظ نيجيرفان بارزاني، صاحب المواقف المشرفة، والذي سطر بمداد من ذهب ثوابت كوردستانية أصيلة، وتحمل تبعات المواقف الأخلاقية المصيرية بسرور، عندما يلاحظ النية الحسنة لدى الآخرين، سوف لا يألوا جهداً في دفع عجلة التفاهم للأمام وإتخاذ خطواتٍ قوية، لإيجاد حلول واقعية ومنطقية للمشكلات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات