حين ُسئل الإمبراطور الياباني كيف حققوا هذا التقدم الكبير خلال فترة قصيرة بعد الحرب العالمية الثانية أجاب (جعلنا الكتاب صديقا بدل السلاح ) كلمات صادقة سديدة ورؤية صائبة نجحت نجاحا باهرا منقطع النظير وأصبحت اليابان المثل والنموذج الجيد لكل شعوب العالم حتى ُسمّي بكوكب اليابان نقولها صادقين فعلا وكأنهم من كوكبٍ آخر !.
فما أحوجنا لهذا الكلام وكم نحن بحاجة لمثل هذه الرؤية والأفكار لتطبيقها على مجتمعنا الذي تداعى وبدأت تنقرض بدواخله سلوكيات ومواصفات المواطن الصالح والموظف المثابر الحريص، شيئا فشيء كرغيف خبزٍ يابسٍ تستلذ به فئران جائعة.
ومن هو المسئول أكثر لتطبيق رؤيا تجعل من العراق دولة يحتذ بها ويضرب بها المثل كما فعلت بلاد كثيرة وأولها اليابان أو الصين؟ .
ولعل قائلٍ يقول الجميع مسئول الحكومة و التربويين والمواطن العادي وهذا فيه جانب كبير من الصحة ونريد أن نسلط الضوء على النخب التربوية وأستاذ الجامعة خصوصا كونه الرافد المهم الذي يستطيع انتشال العراق من هذا المستنقع من خلال التفاعلية العلاجية بمعاملته الراقية وكلامه المدروس العلمي المقنع لتحبيبهم بالقراءة ومعرفة جوهر التعليم وقيمته وامتصاص سموم الأفكار الهدامة من عقول بناة المستقبل، ليشب وعيهم على التفاؤل والعمل ورفع سقف طموحاتهم، مستعين بتجاربه الشخصية وثقافته ومداركه الواسعة وقبل هذا وذاك عليه أن ينزع همومه الشخصية ومشاعر الخيبة والانكسار والنظرة السوداوية على مستقبل العراق وتدهور ظروفه كما تنزع الجاكت قبل دخوله لقاعة المحاضرات ليؤثر بالآخرين ويستجيبون له، مستعينا بمدى إيمانه بدوره التربوي المهم في بث روح الوطنية في نفوس طلبته ومسئولياته تجاههم كمربٍ ثانٍ بعد الأهل ليغرفوا من بحر معلوماته القيمة وغزارة ألفاظه لتغيير أفكارٍ تسلقت بعقول الشباب مثل غياب الحس الوطني وروح التعاون، التشاؤم بالمستقبل، اللامبالاة بالوقت وعدم احترامه، وحب المشاركة ، تقبل الأخر بكل اختلافاته الإيديولوجية، وما يتحتم عليه فعله من اجل استجابة الطلبة لحديثه الفعال وما يحمله من أفكار منفتحة وطرق تسهم بتغيير المفاهيم المنغلقة التي ورثناها من عصورٍ سابقة والعمل على تجديدها من خلال تقديم الحقائق الدامغة بانتهاء صلاحية هذه المفاهيم وضرورة تغيير مسار دفة الحياة وإرشادهم لمقترحات وخطط ورؤى جديدة تتواكب مع مرحلة العراق الجديدة وتطورات العالم ولا يجيب على أسئلة الأبناء الشباب بأجوبة الأجداد المنكسرين.