23 ديسمبر، 2024 5:46 م

ماذا نريد من أمريكا وماذا تريد أمريكا منا – 2

ماذا نريد من أمريكا وماذا تريد أمريكا منا – 2

إذا كانت أمريكا قد احتلت بلدنا وعبثت بمقدراتنا تلبية لمصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة أو لإنقاذنا من الحكم الدكتاتوري الذي تسلط على رقابنا لأكثر من خمسة وثلاثين عام فنحن أيضا من حقا كشعب صاحب أول حضارة في التاريخ عرفتها الإنسانية وعاصمتنا الحبيبة بغداد كانت لفترات طويلة من الزمن حاضرة الدنيا ومنبع للحضارة والتطور التي أسست لكل العلوم المعروفة ألان ومن حقنا أن نعيش كما تعيش شعوبهم في الغرب أو في غيره من بقاع الأرض وقد أنهكتنا الحروب الداخلية والخارجية وإذا كان آباءنا قد تقاتلوا مع أخوانهم الكرد في حروب طاحنه راح ضحيتها الكثير من شباب العراق من القوميتين فإننا لم نتمكن من أن ننعم بالسلام حيث اشتعلت حرب ضروس مع جارتنا إيران ثم غزو الكويت تلاها الحصار الأمريكي وها هم أبنائنا وأحفادنا تقتلهم يوميا التفجيرات الإجرامية التي لم ينجو منها متر في العراق إذا لم يكونوا على جبهات القتال لتطهير المدن من دنس عصابات داعش القذرة فلماذا هذا السيل من الدماء التي استرخصها كل العالم ولماذا تهدر أموالنا في حرب لم نسعى إليها وضعنا غيرنا في لهيب معاركها ؟

لقد شخصت الأمم المتحدة إن الغزو الأمريكي للعراق هو احتلال ووفق المعاير الدولية فان الولايات المتحدة يقع عليها الالتزام المباشر في استقرار العراق وبنائه وإعادة أعماره سواء بالخبرات أو بالأموال رغم إننا من اغني دول العالم ولسنا بحاجة إلى دعم احد وينبغي أن يوازي مستوى دخل الفرد العراقي مستوى دخل الفرد الغربي أو الأمريكي أو الياباني أو الصيني وفي اقل احتمال وتقدير يجب أن يوازي مستوى دخل المواطن في دول الجوار أو يفوقه لا أن تشخص بكل الأسف عاصمتنا في ذيل المدن الصالحة للسكن وان التعليم في بلدنا في آخر سلم مستويات التعليم في العالم وتفتقر مستشفياتنا إلى ما يناسبنا من الخدمات ولا أن نكون في مقدمة الدول التي ينتشر فيها الفساد الإداري وتتهم أجهزتنا القضائية في نزاهتها وتتعرض أراضينا للاحتلال وتقف حليفتنا أمريكا بعد أن انسحبت تاركتنا نتخبط تحت حكم دستور أعرج والتي ترتبط معنا باتفاقية دفاع مشترك إستراتيجية تتفرج وتنظر إلينا كأنها في عين شامت .
إن أمريكا التي شرعت لنا دستور صوتنا على قبوله في غفلة من الزمن مسئولة أدبيا وأمام المجتمع الدولي بان تعيد النظر في الوضع العراقي ابتداءا من آلية صرف أموال صادراتنا وخصوصا النفط وإعداد موازنات مالية تراعي التنمية المجتمعية وتقديم الخدمات وإنهاء حالة البطالة وتدمير الأيدي العاملة العراقية والعمل على استثمارها مرورا بموضوعة العلاقات بين الكتل السياسية المتناحرة على عدد الكراسي البرلمانية أو الوزارية والمتفقة على أن لا تتفق يسعى كل منها لتسقيط الآخر وهي مختلفة بينها على كل شيء وبرلمان عاجز عن إصلاح ذات البين يتناحر أعضاءه على تشريع القوانين كل حسب كتلته وحكومة لا تحترم البرلمان وأشقاء لنا في الوطن ( كرد وتركمان أو مسيح أو كل الجهات القومية أو المذهبية أو الدينية ) نتقاطع مع بعضنا في كثير من النقاط وقوانين أما عفا عنها الزمن أو معطلة أقول إن أميركا مسئولة مباشرة عن إصلاح البلد ووضعه على سكة الأمان بعيدا عن أي أطماع وان تدرك إن بلادنا لنا وهي وغيرها يجب أن يرحل عاجلا أم آجلا .
فقط أحاول أن اذكر تاريخيا إن دول الحلفاء بعد نهاية الحرب العالمية الثانية واندحار دول المحور أقرت لها قوانين ديمقراطية عاشت على أساسها شعوب متطورة وسعيدة وان في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها قوانين تتمتع شعوبها من خلالها بحريات واسعة وتنعم بحكومات منتخبة وبرلمانات تراقب عمل الدولة فهل هم شعوب من الدرجة الأولى ونحن شعب من الدرجة العاشرة مثلا وهل نحن أمام النظرة التي حكمت النازية بها الشعوب التي احتلتها ألمانيا بمعنى آخر هل هم (واقصد كل دول العالم المتقدم) شريحة مختارة من البشر ونحن كتب علينا التخلف واسترخصت دماء أبناءنا واستبيحت محرماتنا لا لشيء إلا لأننا خلقنا في هذا البلد الأكثر خيرات في العالم ؟
نحن شعب مسالم لا نريد أكثر من التفرغ لبناء بلدنا والعيش بكرامتنا بعيدا عن كل التناحرات والخلافات والاختلافات التي يصطنعها من يصطنعها ونريد أن نحصل على رغيف خبزنا من عرق جبيننا ومن خيرات أرضنا ونريد أن ينعم كل منا بحرية في اعتناق الدين أو المعتقد أو القومية الذي نشأ عليه ويسكن أين ما يشاء في بلدنا وأبنائنا يذهبون للمدارس التي تحترم طفولتهم ونجد من بيننا من يحكم فينا بالعدل والإنصاف ويبدو هذا ما لا تريده لنا أمريكا ولا من تحالف معها رغم شعاراتهم الرنانة في حقوق الإنسان .
نحن كشعب عراقي ندرك إن الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن غزت بلادنا إلى أن صنعت عصابات داعش الإجرامية القذرة تطمع في خيراتنا وخيرات جيراننا من دول المنطقة فنحن نعيش على ارض حباها الله العزيز بخيرات لا تنضب إلى يوم الدين وأمريكا لم تضع يدها على ما يكفي طمعها من خيراتنا ويرضي شرهها وجشعها لحد ألان وندرك إن حروبها في المنطقة قامت بها لاستنزاف خيراتنا كما تطمح إلى استنزاف خيرات المنطقة عموما إما من خلال السرقة المباشرة أو بالسرقة غير المباشرة من خلال ضخ كميات كبيرة من أدوات القتل والدمار والسلاح فتحقق هدفين في آن واحد من خلال نشر ثقافة القتل بيننا ومن خلال تدوير مصانعها وتشغيل الأيدي العاملة الأمريكية وفي كل الحالات تسعى إلى إنعاش اقتصادها الذي يهتز بين الحين والآخر على حسابنا كبشر أو كخيرات وللحديث تتمة إن شاء الله.