23 ديسمبر، 2024 4:49 م

ماذا نريد من أمريكا وماذا تريد أمريكا منا – 1

ماذا نريد من أمريكا وماذا تريد أمريكا منا – 1

على حلقات سنحاول الوقوف إن شاء الله على ما نطمح أن يتحقق في بلادنا في الفترة المقبلة تحت حكم الرئيس الأمريكي الجديد ترامب فمن حق كل واحد منا في العراق أن يتساءل بعد أن غزت الولايات المتحدة الأمريكية بلادنا ماذا تريد منا منذ أربعة عشر عام بالتمام والكمال وماذا نريد منها نحن بعد أن أصابنا ما أصابنا من دمار وخراب وحروب ودماء بالنسبة لهم لا تعني شيء وبالنسبة لنا غالية جدا سالت دون ذنب وأموال هدرت لا نعلم أين ذهبت وكيف كان من الممكن أن ترفع منا إلى مستويات الدول المتقدمة والشعوب السعيدة لو استثمرناها في البناء وتطوير بلادنا بالشكل الصحيح فماذا تريد منا هذه الدولة التي تتظاهر بحبنا والحرص علينا وماذا نريد منها ونحن لا حول ولا قوة لنا إمامها كأغلب بلدان العالم؟

من المؤكد أنها ليس كما تدعي برعايتها واحترامها لحقوق الإنسان وحريته وللديمقراطية ولم تأتي إلى العراق حبا بنا ولإنقاذنا من تسلط الحكم الدكتاتوري الذي ظلم الكثير من العراقيين لسواد عيوننا خصوصا وإنها حاصرتنا لأكثر من ثلاثة عشر عام منعت فيها عنا كشعب كل شيء حتى الغذاء والدواء وأي شيء مما يديم حياتنا اليومية حتى أصبحنا نتمنى الخلاص من حاكمنا الذي لم يتأثر بالحصار بأية طريقة وأيدناها وتخلينا عنه طلبا للخلاص ولم تأتي لإنقاذ الكويت من احتلال هذا الحاكم المغرور حبا بعودة آل الصباح إلى كرسي الإمارة التي كانت في يوم ما ليس ببعيد جزء من دولة العراق وقد خسر المعركة عام 1991 وانسحب من الكويت مستسلما وإنما حتما إنها جاءت تلبية لمصالحها ومصالح حلفائها الأكثر أهمية منا المعروفين للجميع وخلال الفترة الماضية من 2003 إلى يومنا هذا تغيرت موازين القوى في كل منطقتنا التي يسمونها الشرق الأوسط والتي هي لا تكاد تتجاوز البلدان العربية وجيرانها وتبدل الرئيس والحزب الحاكم هناك بين الديمقراطي والجمهوري ولكن سياستها لم تختلف كثيرا إلا في آلية التنفيذ وبقي العراق يدور في الفلك الأمريكي حتى وان ابتعد قليلا في بعض الأحيان وبعلمها وبموافقتها وربما بدوافع وأسباب هي ذاتها من صنعها.

ولتتوضح الصورة أكثر فقط نتذكر باختصار شيء من الفترة التي تلت الاحتلال إلى هذا اليوم فقد شهدت المنطقة تطور صراعات إقليمية ودولية كثيرة ساحتها أرضنا وأبشعها وأخطرها ظهور تنظيمات قذرة غاية في الإرهاب ترتدي لباس الإسلام وهو منها براء فرختها القاعدة انتهت بما يعرف بعصابات داعش المجرمة التي انتشرت في المنطقة ولكن تمركزت في غرب شمال العراق وشمال شرق سوريا بالإضافة إلى سيناء في مصر وليبيا وبعض مناطق شمال إفريقيا وفي مناطق من اليمن وبنظرة إلى جنسيات عناصر هذه العصابات يستطيع أي إنسان دون عناء أن يعرف من هي الجهات التي تدعمها وتمولها بالمال والسلاح وتشتري منها النفط الذي تسرقه من آبارنا ومن خلالها نستطيع أن نتعرف على أهداف هذه العصابات الدموية القذرة والدوافع التي تجعل البعض لا يتخلى عنها بسهولة .

لقد نجحت الحكومة العراقية في الفترة الماضية بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من تلك العصابات وحصلت على قاعدة بيانات مهمة عن حركاتهم ونواياهم الخبيثة ولكن على حين غرة يقتحم سجن أبو غريب شديد التحصين ويتم تهريب أعداد كبيرة جدا منهم ليعيدوا تنظيم صفوفهم ويعودوا لينتشرون في المنطقة ثم تسقط مساحات شاسعة من ارض العراق ومدن مهمة بأيديهم وليعيثوا فيها أبشع أنواع الفساد والخراب وليذيقوا عباد الله على مختلف مللهم وقومياتهم ما لم يعرف له تاريخ البشرية مثيل وتنتشر في البلاد شائعات اغلبها لا صحة لها ومن المؤكد إن عملية التهريب تلك لا يقدر على تنفيذها إلا جهد استخباراتي استثنائي مدعوم بقوة تفوق قدرات الدولة العراقية بكثير وهي مؤكد ليست قدرة عصابات لا يربطها ببعضها إلا حب سفك الدماء والقتل وانتهاك الحرمات والسرقة اجتمعت على هدف مرسوم لها من كل بقاع الأرض .

من خلال ما تقدم أعلاه وبالعودة إلى مقدمة الموضوع نستطيع أن ندرك إن الولايات المتحدة الأمريكية تحت حكم باراك اوباما إذا لم تكن هي من أسس ودعم تلك العصابات فإنها تعرف خطواتها وتركتها تفعل كل ذلك تلبية لمصلحتها ولكي تساعدها في بث سمومها فإنها قد أثارت النعرات الطائفية والقومية والاثنية في الداخل لتضعف قدرات الحكومة العراقية على صد هجماتها والقضاء عليها بل وزادت في تدمير مجتمعنا من خلال التفجيرات إلي كانت تهز المدن الآمنة فتتوسع الهوة أو الهفوة بين الشعب وحكومته واكبر من ذلك فتحت الباب واسعا أمام سرقة المال العام العراقي وتعجيز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها الخدمية بل ودفعت وغذت التظاهرات في اغلب المدن العراقية عن طريق من زرعتهم بيننا وخصوصا في بغداد وارتفعت الأصوات التي خلطت الحق بالباطل وذرت الرماد في العيون وضاعت البوصلة الوطنية حتى انشغل المواطن بهمومه وتشتت ذهنه وجهده في توفير قوت عائلته اليومي وأداء واجبه للدولة والمجتمع وعن دوره في بناء الوطن الذي تعمق جرحه.

نعم كانت رغبتنا في استرداد حريتنا وانسحاب قوات الاحتلال من بلادنا بأسرع وقت ولكنها تركتنا نخوض في بحر متلاطم من تناقضات ليس لها حصر ولا عد أهمها ما كان بين الكتل السياسية والمحاصصة والطائفية ودستور يكبل الدولة بقيود إلى حد ما يجعلها عاجزة عن حل ابسط مشكلاتها وتناحرات لا يمكن إلا أن نسميها معاول هدم لكل طموح وطني في بناء دولة عصرية تمتلك ثروات ترتفع بنا إلى مصاف الدول المتقدمة أو على الأقل إلى مستوى دول المنطقة .