17 نوفمبر، 2024 4:32 م
Search
Close this search box.

ماذا لو كان شبابنا كفتى البيض الأسترالي ؟

ماذا لو كان شبابنا كفتى البيض الأسترالي ؟

الفتى (ويل كونلي) ، لا يتجاوز السبعة عشر ربيعا ، لم يطق سماع السهام العنصرية التي تنطلق من فم مواطنه السناتور الأسترالي الذي بدا وكأنه يلتمس العذر لسفاح المسجدَين في نيوزيلاندا ، فتأمّل الفتى رأس هذا السناتور المليء بالكراهية والعنصرية ، وقرر وضع حد ، فتقدّم بكل هدوء وعفوية ، وقام برجم رأس السناتور ببيضة على رأسه ، أحدثت (طقة) طفيفة ، قد لا تتجاوزصوت النقر على الفأرة ، لكنه كان أقوى من كل مكبّرات مواعظنا الدينية ، ووقعها العالمي كان أعتى من أكبر إنفجار من أقوى سلاح ! ، بضمنها كل أسلحة الدول العربية ، أراد هذا الفتى أن يبث رسالة للعالم ، أن هذا السناتور لا يمثله ، لكن لسوء الحظ أن الفتى لم يختر بيضة فاسدة لأنها لا تتوفر في أسواقهم كحالنا ! ، نحن لدينا الحديث الشريف (من رأى منكم مُنكرا…) ، لكننا لم نعمل به يوما ، وهذا هو سرّ سوء حالنا وعبوديتنا السّرمدية لحكامنا ، قرر هذا الفتى تغيير المنكر الذي صدر من هذا السناتور بيده ، لا بلسانه ولا بقلبه ، هذا الفتى الذي نعتبره مدللا في بلده (بالمقارنة مع معاناتنا في بلداننا) ، والذي كان من المفترض أن يكون منغمسا في الرفاهية ، أو يلعب (البوبجي) ، أو جالسا في المقاهي ، لكنه يعلم أن من مسؤوليته إحداث الفرق .

ماذا لو تحلّى كل شبابنا بعقلية هذا الفتى ، بكل ما بها من مسؤولية ومواطنة وأمانة ومناهَضة للعنصرية ، هل كنا نتوقع أن تندلع حربا طائفية بين أبناء الدين الواحد ؟ ، هل سيتجرأ الخونة والسّراق والفاسدون على توظيف هذا الصراع ، والولوج في أعلى مناصب الدولة ، وهم يعلمون أن ورائهم شعبا يحمل عقلية هذا الفتى وما بها من حكمة لم نبلغها بعد ؟ ، لا ، سيعلم الحاكمون أن ثمة شوكة في أفواههم ستقض مضاجعهم وتحيل نهارهم إلى ليل وجحيم ، فهذا الشاب كان مسيحيا ، لكن آلمه الكلام عن المسلمين بسوء ، رغم أن داعش لم يُبقِ ولم يذر من سماحة هذا الدين ، لكن عقلية هذا الفتى فرّقت بين نهج داعش الدموي والوحشي والإجرامي ، بإعتباره (بزنس) عالمي وبين الدين ، رسالة نشر التسامح والحب والأخوة بين البشر ، لقد كان بفعله البسيط هذا أكثر (إسلاما) من دزينة من المعممين في العملية السياسية الفاشلة ، وأهم شيء ، ماذا لو تحلّينا بشجاعة هذا الشاب ، فنضع الخوف من المسؤول والنزوع إلى تملّقه تحت أحذيتنا ، لَكُم أن تتصوروا كيف سيكون حالنا ..

أحدث المقالات