مع كل تغيير سياسي سواء تم ذلك التغيير بانقلاب بنوعيه العسكري والمدني أم بحرب أو باحتلال, فهناك في العادة ثلاث فئات تتصدر المشهد السياسي يمكن تصنيفها كما يلي:
أولا: الانتهازيون, وهي الفئة التي تكون قريبة دائما من السلطة أيا كان نوعها, ملكية جمهورية دينية عسكرية الخ و هذه الفئة عادة ما تكون هي المستفيدة من بين باقي الفئات اللاحقة الذكر و تحاول بقدر ما تستطيع أن تؤسس لنفسها قاعدة قوية تتغلغل بعمق في الدولة تحت عناوين و مسميات شتى لتسيطر على مقاليد الحكم وعلى مراكز اتخاذ القرار بشكل كامل و غايتها الرئيسية هي مسك السلطة بيد والمال باليد الأخرى حتى تنجح في عزل الحاكم عزلا تاما عن محيطه الخارجي و تجعله في نفس الوقت حبيسا لهواجس الخوف من الاستهداف والاغتيال وانتزاع السلطة, ومن أمثلة هذه الفئة, البعثيون الذين كانوا شيوعيين ثم تحولوا إلى إسلاميين و لديهم الاستعداد ليكونوا مع الشيطان لو تسلم الحكم.
ثانيا: أصحاب (المظلومية), و هي الفئة المتضررة أو التي تدعي الضرر من الأنظمة السياسية الحاكمة السابقة سواء بشكل مباشر بسبب معارضتها لتلك الأنظمة كما حصل مع معارضي النظام السابق أو بشكل غير مباشر ساهمت ظروف معينة في تحقق (المظلومية) التي يدعوها, كما في حالة الرفحاويين, تحاول هذه الفئة الانتقام من كل ما له علاقة بالحكم السابق ما عدا الفئة الأولى (الانتهازيون) التي تنجح دائما في خداع أصحاب (المظلومية) مصورة لهم بأنها تقف معهم وتحاول منحهم المكاسب و المغانم لإسكاتهم وجعلهم يقتنعون بأنها الفئة الساندة لهم بالرغم من إنها هي السبب الأول في مظالمهم.
ثالثا: الفئة المهمشة والمعدمة في المجتمع (فئة الرعاع) وهذه الفئة بالذات هي الخاسرة دائما و في ظل حكم كل الحكومات بالرغم من أنها أول من يقدم التضحيات لكنها تبقى خانعة خاضعة حبيسة للخزعبلات والخرافات الدينية التي يطلقها بعض المتحذلقين من رجال الدين ممن يدعي الورع والتقوى, تتصور هذه الفئة بان رجال الدين هم وكلاء الله وهم الواسطة بينها وبينه وهي المنقذ من عالم الظلم لتعدها بعالم الآخرة و الخلاص و الجنة الأبدية مع العلم إن أفراد هذه الفئة تعيش أسوأ ظروف المعيشة وأتعسها.
عادة ما تصنع هذه الفئة لنفسها رمزا يسمى (الطوطم) ليكون أشبه بالرب في مخيالها الضيق لتصل به إلى مرحلة التأليه و تعتبر كل ما يصدر عنه صادر من السماء و ليس من صنع النفس البشرية لذلك تبقى حبيسة الخزعبلات والخرافات التي يطلقها طوطمها المقدس و تبدأ بنسج قصص الخيال عنه لتصل الى حد تصديق الخرافات التي نسجتها حوله بيدها لتدافع عنه بشراسة ضد كل من يمسه حتى ولو بكلمة.
تتمثل هذه الفئة في العراق بالتيارات السياسية ذات الطابع الديني كالتيار الصدري و رموزه التي صنعتها بيدها ,شخصيات متقلبة غير منضبطة و غير مسيطرة على ردود أفعالها حتى تصل إلى الحد الذي توحي فيه لمن يتابع ردود الأفعال تلك بأن صاحبها مجنون رسمي, تراهم مرة يرتدون الأكفان للإيحاء بأنهم لا يهابون الموت و تراهم مرة أخرى يرتدون القبعات الزرق ليقتحموا التظاهرات ويقتلوا كل من يقف في طريقهم تحت مرأى و مسمع الحكومة و وسائل الأعلام و في أخرى يستعرضون قوتهم في العلن و في وضح النهار تحت مسميات شتى دون خوف أو رادع ناهيك عن عمليات التغييب والاختطاف والابتزاز التي تطال كل من يقف في طريقهم, فيما يهدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة علنا عبر اللقاءات التلفزيونية أو عبر التغريدات التي يطلقها أو على الأرض حينما منح الضوء الأخضر لأتباعه باقتحام أسوار المنطقة الخضراء الشديدة التحصين عبر خطاب متلفز منتصف العام 2016.
عشرات الأفلام توثق الترهات و الأطروحات الساذجة التي يطرحها نوابهم و وزرائهم والتي تعكس صورة شخصيات تعاني فصاما في الشخصية, فتراهم مرة يتحدثون عن السياسة وهم لا يفقهون أبسط أبجدياتها و تراهم مرة أخرى ينتقدون تصرفات الفرقاء السياسيين وهم أسوأ منهم, يتحدثون عن الفساد وهم جزء لا يتجزأ من منظومة الفساد, يدافعون عن السلم المجتمعي وهم أول من يخرقه, لا يرغبون بمشاركة الكعكة مع غيرهم إنما يريدون الاستئثار بها بالكامل على حساب باقي مكونات الشعب العراقي وأطيافه المختلفة.
الطامة الكبرى إن هؤلاء المشهود لهم بكل تلك الممارسات والتصرفات منذ عام 2003 وليومنا هذا يسعون اليوم بكل قوة لقيادة العراق والاستيلاء على سدة الحكم بحجة القضاء على الفساد؟ !!! أي وضع بائس هذا وأي حياة يعيشها العراقي الذي كره حتى حياته وبات وكأنه (الزومبي) الذي يمشي وهو ميت؟
علينا أن نتصور حجم المأساة التي سوف تعقب الدمار الذي عم البلد و الظلم الذي لحق بأهله منذ سقوط بغداد عام 2003 وليومنا هذا إذا ما تصدر الصدريون المشهد السياسي العراقي.!!!!