عاد الحديث مجددا في الكواليس عن الادخار الاجباري ونية استقطاع مبالغ من الرواتب الاسمية لكافة الموظفين دون استثناء وبأثر رجعي وبنسب تتراوح بين عشرين في المئة لمدة ثلاثة اشهر وعشرة في المئة لما تبقى من السنة المالية الحالية.
ورغم الاعلان قبل شهر تقريبا ان الموضوع مجرد مقترح قد لا يخضع للتطبيق الا ان تسريبات من اروقة وزارة المالية تؤكد انه خاضع للموازنة ومنذ بداية العام الحالي ، فلماذا لم يعلن عن الامر رسميا حتى يأخذ الموظف احتياطاته ويعيد النظر بموازنته هو ايضا؟ ام ان للدولة الحق ان تعيد النظر بموازنتها وترفق لها ملحق او تقلصها كيفما تشاء وتبعا لمواردها ، والمواطن لا ؟ ولماذا يبقى الامر طي الكتمان لحين تنفيذه؟ هل في الامر شيء سلبي قد لا يرضي شريحة الموظفين الكبيرة ام ان الدولة اعلى من ان تنظر بعين العطف والتعاون مع مواطنيها؟.
واذا كان من حق الموظف على الدولة ان تؤمن له اسباب العيش الكريم ، وهذا الامر مكفول دستوريا ولا فضل لاحد عليهم ما داموا يؤدون الخدمة العامة ويلتزمون بضوابطها.. لذا فان اي تقليص في وارداته مع ارتفاع متطلبات المعيشة وزيادة اجور الكهرباء والماء والضرائب والتزامات دورية مع اصحاب المولدات وتكاليف المستشفيات والاطباء والاعباء الاخرى ، سيؤدي حتما الى خلل كبير في العلاقة بين الدولة والموظف وحالة من التذمر تنتج :
زيادة في حالات الفساد والتجاوز على المال العام.
تراجع اداء المؤسسات العامة وازدياد حالات تسرب الموظفين.
ضياع التخطيط الاستراتيجي مع غياب الارادة التنفيذية الحريصة على الاداء بسبب التفاوت بين المسؤولية والاجور.
ازدياد الهوة بين القطاع العام والقطاع الخاص ، لصالح الثاني وعلى حساب المواطن.
واذا كنا لم نتعض ونستفيد من تجارب الدول المجاورة التي تعتمد صناديق الاجيال للاستفادة منها في مثل هذه الظروف التي يختل فيها ميزان المدفوعات ومستويات الانفاق العام. واذا كان سياسيونا لم يفتأوا يصرحون وعلى اعلى المستويات بعدم المساس بقوت المواطن والعمل على زيادة مدخولاته خلافا للحقيقة التي يضمرونها. واذا كان القائمون على الاقتصاد لا يفعلون شيئا سوى اتخاذ قرارات غير محسوبة وذات مردود سريع النتائج ، فلا تسلم رواتب للحشد الشعبي ومقاتلي العشائر وهم من يبذل الغالي والنفيس في سبيل البلاد ، ويستقطع من رواتب الموظفين لسد عجز الموازنة ، ويتوقف 150 مشروع استثماري وخدمي في بغداد وحدها لغياب التخصيصات ، ويهتز وضع الدينار امام العملات ، وتظهر فقاعة شح السيولة وازمة اقتصادية شديدة تتصاعد معها دعوات ربط الحزام للاعوام القادمة؛ لمجرد هبوط اسعار النفط عالميا ، فاين التخطيط المستقبلي ومن المسؤول عما يحصل ، ومن يسائل السياسيين والمعنيين: ماذا كنتم تفعلون طوال السنوات الماضية؟؟؟.