18 ديسمبر، 2024 6:23 م

ماذا قال الحكيم في خطبة العيد !!

ماذا قال الحكيم في خطبة العيد !!

مشكلة الحكيم، أنه قليل من الساسة تفهم رسائله، وكثير من المثقفين تتفق معه؛ لأنهم يعرفون بالعمق ماذا يتحدث، لعل عموم الناس مازال تؤثر عليها، الخطابات السطحية والعاطفية والطائفية.
اليوم وفي خطبة عيد الأضحى، لم يكن خطابا مكررا او أتهاميا او خطاب رد فعل، كالذي دائما نسمعه ونراه، من الزعماء والخصوم في العراق، تحدث الحكيم بثلاث محاور، هي استكمالا لخطبته في عيد الفطر، التي حددت البوصلة بوضوح تام.
المحور الأول :- هو الموقف من الإصلاحات، لقد أشار الحكيم وبحنكه وحكمه عالية، الى ضرورة أن تكون الإصلاحات جذرية وليس ردة فعل زمنيه، سرعان ما تتلاشى، حيث حذر ونصح رئيس الوزراء، أن لا يذهب للمجهول، ويبقى في نهاية المطاف وحيدا، الإصلاح يحتاج شركاء يتحملون المسؤولية، الإصلاح يحتاج رؤية موحدة، الإصلاح يحتاج دعم سياسي وبرلماني، الإصلاح يحتاج دقة ووقت وصبر، الإصلاح يحتاج تشخيص حقيقي وليس ترقيع هنا وهناك.
الحكيم يقدم خدمات مجانية للعبادي! لكنني لا اتوقع انه سيتعامل مع هكذا دعوات بحسن ظن، ولعل الحكيم يقرأ المعطيات جيدا، ويدرك خطورتها رغم أن بعض الساسة مازالت قرائتهم سطحية، او مجتزئة، أن دعم الحكيم للعبادي مشروط، وغير مفتوح وبإشارات واضحة قد أطلقها وصرح بها دون تلميح او تلميع، أي سنقف مع من يسير وفق مشروع واضح، ولعل الجميع اليوم يتفق بأن العبادي، مازال في مرحلة الصدمة واللامشروع!
المحور الثاني :- التظاهرات والإحباط الشعبي، ومحاولة بعض المتربصين للعملية السياسية، سرقة التظاهرات للنيل من الخصوم، نعم فعلا كانت شجاعة الحكيم واضحة، من تشخيص الجهات والأجندات، التي أرادت استغلال التظاهرات للنيل من ” الإسلاميين ” وربط كل المشاكل بهم.
الحكيم الشخصية الوحيدة، التي تصدت لهكذا سلوك، أريد به استهداف المشاريع الوطنية المخلصة، ففي الوقت الذي دافع عن حقوق الشعب، وحقه في التظاهر، وانه يعيش الإحباط؛ بسبب استشراء الفساد والفوضى، فرغم أن الكثير من الزعماء والشخصيات المهمة في الدولة، تتحدث على أنها ضمن التيار الإسلامي، فحينما اتهم الإسلاميين وتسقيط بهم و التجاوز على رموزهم، لم يتحرك احد من هؤلاء، وكأن الموضوع لا يعينهم، هنا الحكيم يرى أن استهداف الحالة الإسلامية خطرا كبيرا، وهناك فرق بين استهداف الشخوص، واستهداف المشروع ، فعبر عن رفضه لربط الفشل بالمشروع بقدر ما الشخوص التي حاولت تختبئ تحت أسم المشروع الرسالي .
المحور الثالث :- حوار الشجعان ربما دول لم تقدم على خطوة كهذه، التي ستحسب للحكيم تاريخيا، فدعواته لحوار شامل وحقيقي بين ” السعودية وإيران وتركيا ومصر ” تعد انعطافه مهم، على الصعيد الإقليمي والدولي، هنا ستحرك المياه الراكدة، حتى وان لم تطبق حاليا، لكن سيأتي اليوم الذي سيجعل كل تلك الدول، مجبرتا للجلوس على طاولة الحوار، وحل المشاكل العالقة في المنطقة، التي لا تتحمل مزيدا من الانقسامات، والانهيارات الاقتصادية والأمنية، وحتى الاجتماعية، فجميع الدول مهددة، فاستثمار التحديات، وخلق أجواء ايجابية، ستحقق الكثير من الانجاز، لشعوب المنطقة.
أن ما يهم وضعنا، في قراءتنا لخطاب الحكيم ألاستشرافي، هو أن الرجل يعي جيدا ما يقول، وسلوكه مازال يسير بخطوات مدروسة نحو بناء دولة حقيقية، لم أجد في كلامه وسلوكه، أي شيء حزبي او فئوي، بل رؤية عميقة، وتحديد واضح للهدف ، لكن مازالت هكذا رؤى مشكك بها، وهناك من يعمل جاهدا لعدم تحقيقها، حتى لا يكون العراق دولة قوية وآمنة ومزدهرة.
 فحال الحكيم يوصف بقول  “ستيفنسون” تقدمت لخصومي بصفقة : إذا توقفوا عن قول أكاذيب علينا، سأتوقف عن قول الحقيقة عنهم.