بالبداية ، لايمكن بهذه المرحلة تحديداً انكار حقيقة أنّ عمليات تحرير مناطق جنوب سورية المتصاعدة ،ستكون هي الضربة الاقوى لإسقاط كل المشاريع والتحالفات الباطلة التي تستهدف تقسيم المنطقة ، وحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا ليس أمام الأمريكيين والصهاينة وبعض حلفائهم من العرب اليوم سوى الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سوريا والاستعداد لتحمّل تداعيات هذه الهزيمة.
ورغم عودة الأمريكان للتلويح بالخيار العسكري ضد سورية بعد بدء عملية واسعة للجيش العربي السوري في عموم مناطق الجنوب السوري ، فـ الدولة السورية بدورها ردت على التلويح الأمريكي بالخيار العسكري ،وعادت لتؤكد أن حربها على الإرهاب لن تتوقف إلا باجتثاث كامل هذا الإرهاب من كافة الأراضي السورية، وهذا يشمل بالطبع كل القوات الاجنبية المحتلة للأراضي السورية ومنها وعلى رأسها بالتأكيد القوات الأمريكية .
المؤكد هنا وفي هذه المرحلة ، أنّ سوريا استطاعت وبعد مرور سبعة أعوام على الحرب التي استهدفتها، أن تحرر مساحات واسعة من المناطق التي كانت تسيطر عليها المجاميع المسلحة بمختلف بقاع الجغرافيا السورية ، وأن تستوعب كل تهديدات وحرب أمريكا وحلفائها على سوريا -كل سوريا- وهي حرب متعدّدة الوجوه والأشكال والفصول وذات أهداف عسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ومع انكسار معظم هذه الأنماط من الحرب على أبواب الصخرة السورية الصامدة، أجبر الصمود السوري بعض الشركاء في الحرب على سوريا على العودة للتهديد باستخدام القوة العسكرية الخارجية ، في محاولة لاحتواء الاندفاعة السورية العسكرية ، والهادفة لتحرير سوريا كل سوريا .
المتابع ، اليوم ، لتسارع الأحداث والتطورات الميدانية في درعا تحديداً ،وفي مختلف جبهات ونقاط الاشتباك على امتداد المناطق من شمال غرب السويداء باتجاه منطقة اللجاة “شرق درعا “، إلى جانب محاور بلدة مسيكة وبصر الحرير بمحيط الريف الشرقي لدرعا ، وسرعة الانتصارات المتلاحقة للجيش العربي السوري بعموم هذه المناطق وما يصاحبها من هزائم وانكسارات وتهاوٍ في بعض قلاع المسلحين، “المعارضين” حسب التصنيف الأمريكي”، سيجزم أنه هو من سيجبر الكثير من القوى الشريكة في الحرب على سوريا على العودة للتهديد باستخدام القوة العسكرية الخارجية ، في محاولة للحد من الأندفاعة السورية في عموم مناطق الجنوب السوري ،لتحقيق وكسب بعض التنازلات من دمشق ، لعلها تحقق ما عجزت عن تحقيقه في الميدان، وهذا ما ترفضه الدولة السورية اليوم وبشكل قاطع، حيث تؤكد القيادة السورية والمسؤولون جميعاً، أنهم لن يقدموا لأمريكا وحلفائها أي تنازلات، ويقولون بصريح العبارة “إنّ ما عجزت أمريكا وحلفاؤها عن تحقيقه في الميدان السوري، لن تحققه بالتهديدات العسكرية ” ، لأن سوريا وحلفاءها قد حسمت قرار النصر ولا رجعة عن هذا القرار ،مهما كانت الكلفة .
وهنا عندما نتحدث عن القرار السوري وبدعم من الحلفاء ،والهادف لتحرير عموم مناطق الجنوب السوري مهما كانت الكلفة ،فالمؤكد هنا أنه تم التحضير لهذه المعركة جيداً ،ودراسة كل سيناريوهاتها وتطوراتها المتوقعة ،فـ ميدانياً قوات الاقتحام الخاصة في الجيش العربي السوري و بدعم جوي سوري – روسي ، هي التي تقود معارك تحرير مناطق جنوب وجنوب سورية ، وهذه القوات يعرف عنها تمرسها وخبرتها وحنكتها العسكرية بقيادة مثل هذه العمليات الكبرى ، فهذه القوات قادت مؤخراً معارك تحرير مناطق محيط دمشق ، وهنا وليس بعيداً عن خبرة وقوة هذه القوات وليس بعيداً عن الأهداف الاستراتيجية لمعارك الجنوب السوري ، فـ هذه العمليات المستمرة لقوات النخبة والتي تساندها وحدات الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة وإسناد الطيران الحربي السوري والروسي ،تستهدف تحقيق مجموعة اهداف رئيسية ، قد يكون أبرزها ” مرحلياً “هو تطهير كامل الريف الشرقي لدرعا وصولاً لتطهير كامل البؤر الإرهابية بمنطقة اللجاة من إرهابيي تنظيم النصرة الإرهابي ، خصوصاً بعد ان تحول الريف الشرقي إلى نقطة وقاعدة تجمع وانطلاق لإرهابيي تنظيم النصرة ومن معها وتهديد لمحافظة السويداء واريافها وخصوصاً الغربي منها ، بالاضافة إلى مجموعة اهداف اخرى ومن جملتها قطع الطريق على الخطط الأمريكية – الصهيونية الهادفة إلى خلط الاوراق بمعادلة الجنوب السوري ،ليبقى نقطة تهديد دائمة لأمن العاصمة دمشق ،وخاصرة رخوة لتحقيق مشاريع تستهدف وحدة الاراضي السورية .
ختاماً ، هنا يجب التنويه إن تحرير مناطق ريف درعا الشرقي واللجاة وما بعدها وما سيتبعها ،وخصوصاً عند الحديث عن معارك تلال المال والحارة ودرعا البلد وصولاً لمعارك المعابر الحدودية والجولان الاوسط وما بعده ليس بالمهمة السهلة بل يحتاج لوقت وعمل طويل نوعاً ما فـ تنظيم النصرة ومن معه سيقاتل باستماته والصهيوني حتماً سيكون حاضر بالميدان وسيجبر الأمريكي المتردد على خوض مغامرة “فاشلة حتماً ” في جنوب سورية ، فالصهيوني سيحاول حتماً اعاقة تقدم الجيش العربي السوري نحو مناطق جنوب غرب سورية تحديداً ،وذرائعة جاهزة وعبر الأمريكي ومنها الملف الانساني والمدنيين والكيماوي ،وهذا ما تدركه القيادة العسكرية للجيش العربي السوري وحلفاؤها ،ولكن هذا التحرير ومهما طالت مسارات عمله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية ،وتحرير الجنوب السوري ،تحديداً سيكون له تداعيات كبرى على الأرض، ومن المتوقع أن يشكل وفق نتائجه المنتظرة انعطافة كبيرة اتجاه وضع حد للحرب على سورية.