التجارب السياسية التي خاضها المكون العربي السني بعد العام 2003 جميعها قادت الى الخراب والخسارات الفظيعة التي تكبدها ابناء المكون . مقاطعة العملية السياسة في العام 2005 جعلتهم خارج الحسابات مثلما فعلت مشاركاتهم بعد ذلك التي كانت شكلية الى حد ما . اليوم وبعد ان اتضحت الرؤيا اكثر نتيجة النجاحات التي تحققت في الجوانب السياسية (النيابية) تحديدًا ، اصبح المكون العربي السني في قائمة المبادرين وصانعيّ القرار الوطني التي يحسب له حسابات خاصة من قبل منافسيه . العرف السياسي في البلاد منح المكون السني رئاسة البرلمان ضمن قائمة الرئاسات مع وزارتين سياديتين إضافة الى بعض المواقع الوزارية الاخرى ، المراقب للمشهد سيجد ان ازمات ومشاكل المكون على مستوى المناطق والسكان لن تستطيع تلك المناصب حلها (نازحين ، مغيبين، سجناء، مدن مدمرة ) وغيرها الكثير من التركات الثقيلة التي خلفتها التجربة الديمقراطية على مدار الـ18 عامًا الماضية . رئاسة البرلمان مع وزارتي الدفاع والتخطيط مواقع غير قادرة على معالجة الواقع السني ، اذ يحتاج هذا الواقع الى تدخل خارجي عبر تدويل بعض من ازماته التي تراها اطراف محلية مكاسب لها . يحتاج المكون اليوم الى تغيير بعض من مواقعه داخل منظومة السلطة ، فبدل رئاسة البرلمان التي تتمتع بصفة القيادة الجمعية ( مجلس رئاسة البرلمان مع الحصول على اغلبية النواب) يمكنه العمل للظفر برئاسة الجمهورية واستبدال وزراة الدفاع التي انحصرت معظم صلاحياتها برئاسة اركان الجيش بوزارة الخارجية . من خلال هذين الموقعين يمكن لقيادات المكون تسويق جميع الازمات التي يعانيها الشارع السني الى الخارج واحراج الاطراف المحلية التي تعارض حلها مثلما يتم احراج المجتمع الدولي والاقليمي وجعلهما يستشعران خطورة ترك تلك المناطق وسكانها في ظروف صعبة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : من سيتولى تلك المواقع الجديدة من قبل زعامات المكون ؟ الحلبوسي والخنجر ابرز شخصيتين يمكنها إدارة منصبي (رئاسة الجمهورية ووزراة الخارجية ) فأحدهما قريب الى محور (الولايات المتحدة ، الإمارات ، المملكة العربية السعودية) اما الآخر فقريب من محور ( تركيا ، إيران، قطر) هذه المحاور الأكثر تأثيرًا بالواقع الإقليمي والعراقي على وجه الخصوص. هكذا مناورة قد تجعل جميع الفاعلين قريبين من واقع المكون مع حرص الزعامتان السنيتين ( الحلبوسي والخنجر) على معالجة ازمات مجتمعهما التي قطعاها ضمن سباقهم الانتخابي . العقبة التي تعترض هذه الخطوة هي مواقف المكونات من استبدال تلك المواقع ، لكني ارى ان هناك رغبة كوردية في الحصول على رئاسة البرلمان بدل رئاسة الجمهورية التي يراها الجميع شرفية ، في حين ان معظم ازمات المكون الكوردي وخلافاته مع المركز تتعلق بالجوانب التشريعية ، حيث سيعطي موقع رئاسة البرلمان مساحة اكبر للكورد لمعالجة ازماتهم مع بغداد . يمكن أيضًا تبادل موقع وزارة الدفاع بالخارجية مع الكورد او منحهم مواقع اتحادية اخرى كوزارة التخطيط التي تعد محرك وعقل المؤسسة التنفيذية ، اذا نجحت تلك الخطوات فسوف نحقق عدالة كبيرة للجميع يمكن من خلالها تجاوز الكثير من الازمات التي ولدها سوء توزيع الادوار والمواقع .
#علي_البيدر