27 ديسمبر، 2024 7:45 ص

يسألني: ماذا صنعتم؟
قلت: ماذا تقصد؟
قال: ماذا قدمتم للدنيا المعاصرة؟
وأردف: لا تحدثني عن ما ضيكم الذي إكتشفناه , وأنتم عنه غافلين!!
قلت: قدمنا أسواقا لمنتجاتكم!!
حدّق بوجهي متحيرا , وقال: أنتم عالة علينا , تستعملون ما ننتجه وتتبجحون , وكأنكم البالونات المنفوخة بدخان النفظ الأسود!!
وأضاف: أنتم تتطفلون على الآخرين , وبسبب النفط تحولتم إلى موجودات لا تعمل ولا تنتج , ولا تستطيع إطعام نفسها , ولا توفير حاجاتها اللازمة لأمنها الحياتي!!
أخرسني فيما قاله , فما عندي ما أحاججه به , وقد أسكتني عندما أركن الماضي في مكانه , وطلب مني أن أبرهن له بمفردات الحاضر المعاصر , الذي وجدته خاويا , وخاليا من أي إبداع مادي يشير إلينا بتميز ووضوح.
عدت أفكر بكلامه , وأحاول أن أجد ما يساعدني على الرد الموضوعي السديد , فأصابتني الخيبة وتملكني الإحباط.
فمجتمعاتنا عقيمة بإبداعاتها المادية , وأكثر ما تتفاخر به الكلام الذي تسميه إبداعا , وهو من وحي الآخرين , وإستنساخ لما عندهم من صور ومشاهدات دوّنوها بمداد الحياة , وكأننا الصدى المشوش المضطرب الإيقاع.
واقعنا لا يقدم دليلا على أننا صنعنا شيئا مهما يفيد البشرية , وندّعي ما ندّعيه من الكبرياء والغرور , ورؤوسنا غاطسة في أوحال التبعيات والخنوع لإرادات الأقوياء إبداعيا , والمتفوقين علينا صناعيا وزراعيا.
فنحن متميزون بإعدام النخيل وتجريف بساتينه , وبمعاداة أنهارنا , وطيورنا , ولا نهتم بالثروة الحيوانية , وبعض دولنا دمرت البنية التحتية لمسيرتها الصناعية التي بدأت في النصف الثاني من القرن العشرين.
والعديد من مجتمعاتنا تحارب المتميزين والناجحين وتنغص عليهم أيامهم وتدفعهم للهجرة إلى بلاد الدنيا , التي تشتثمر مواهبهم وتستفيد من طاقاتهم , والحديث ذو شجون وأكثر.
فهل كان صاحبي محقا فيما قاله؟!!
د-صادق السامرائي