تتعدد الطقوس والعبادات في العالم، فكل طائفة لها طقوسها الخاصة، قد تكون هذه العبادات مجرد شعارات، أو فعاليات شكلية، أي ليس لها أي أثر على حياة شعوبها ومتبنيها، بمعنى إنها عادات تلقفتها الشعوب، واستمرت عليها، من دون معرفة جدواها ومغزاها، وقد تكون هذه الطقوس، إحياء لنهج وثوابت ومبادئ سامية.
المسلمون الشيعة حالهم حال غيرهم، من أتباع الديانات الأخرى في العالم، لهم طقوسهم وعباداتهم، لكنهم زادوا على غيرهم، فأعطوا لشعائرهم قيمة سامية، فنجد أنهم وعلى مر السنين، تعرضوا لحملات همجية، من القتل والتعذيب والسجون، بسبب ممارستهم لشعائر مذهبهم ودينهم، لكنهم لم يتخلوا عنها، بل زادوها عاماً بعد عام.
يركز الشيعة على مناسبات مذهبهم، كمواليد أئمتهم وشهاداتهم، وكذلك بعض الأحداث السياسية الدينية، التي حدثت مع أئمتهم، كبيعة الغدير وواقعة كربلاء.
اتهم الشيعة بالغلو في مذهبهم وعباداتهم، حتى وصل الأمر، بأن تقوم الحكومات المتوالية، التي حكمت العالم الإسلامي، كالدولتين الأموية والعباسية، بقمعهم ومنعهم من أداء مراسيمهم، واستمر هذا الحال حتى العصر الحديث والمعاصر، فقد عمل النظام الصدامي، على منع كل أمر يتعلق بالشعائر، مثل زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، وإقامة المجالس الحسينية.
بعد التغيير في العام 2003م. عاد الشيعة لممارسة شعائرهم، التي لم يتركوها، لكن هذه المرة كانت الأكبر على مر تأريخهم، هذه العودة لم تخلو من التهديد، والقتل والإرهاب، فتفجير المساجد والحسينيات، وزرع العبوات الناسفة في طريق زوار الإمام الحسين، وتفجير الزائرين كل هذا لثنيهم عن شعائرهم، ومع ذلك لم يتركوها.
هذا الترابط الوثيق، بين الشيعة وشعائرهم، جعل منهم شعبٌ حي وثائر، لايرضى الذل والخنوع، وخير دليل على ذلك مواقف الشيعة الثابتة، سواء في العراق، أو إيران أو لبنان، أو اليمن أو غيرها من البلدان، في العراق مثلاً، عندما طغت عصابات الإرهاب، واحتلت مساحات واسعة من البلاد خلال ساعات، لم تتمكن هذه العصابات، من احتلال مدينة شيعية صغيرة، حاصرها الإرهاب لشهرين من كل جوانبها ألا وهي مدينة آمرلي.
زيارة الأربعين، وخروج الشيعة مشياً على الأقدام، صوب قبر الإمام الحسين، إنما هو تجديد لعهد الولاء، والسير على نهج الإسلام المحمدي الأصيل، الذي قاتل وقتل من أجله الإمام الحسين(عليه السلام)، وليست هذه الممارسات والشعائر مجرد شعارات، بدليل صور الشهداء التي تملأ الطرقات المؤدية لكربلاء، فهؤلاء الشهداء، بالأمس عاهدوا إمامهم أثناء مسيرهم إليه، بالتضحية من أجل دينهم ووطنهم، واليوم أثبتوا ووفوا بعهدهم.
قوة الشيعة بشعائرهم، فمن خلالها يرسلون للعالم متبنياتهم، ويظهرون تفانيهم وفنائهم في عقيدتهم، فالشعب الذي يمشي آلاف الكيلومترات؛ لزيارة إمامه، وينفق أمواله لخدمة الزائرين، وبدون مقابل مادي؛ إنما هو شعب مضحي وثائر، لن يبخل بدمه وماله، إن تعرض وطنه لتهديد إرهابي خارجي أو داخلي، وخير دليل على ذلك، الرجال الذين يقاتلون الآن في جبهات المواجهة مع الإرهاب، فقد تركوا أهلهم ومدنهم؛ وراحوا يدافعون عن وطنهم، فهؤلاء تلامذة مدرسة الشعائر الحسينية، فأين تلامذة المدارس الأخرى، الدينية واللادينية؟