كثر الحديث في الآونة الاخيرة حول تحمل القيادات التركمانية نتائج النكبة التي منيت بها المناطق التركمانية وذلك بسبب دخول داعش الى تلك المناطق والتي أدت الى قتل وخطف وتهجير ، والكل يقر بان التركمان قد استبيحت نصف ارضه من قبل داعش بينما فقدت النصف الثاني ضمن قرار فرض الامر الواقع وأصبحت غير تركمانية بالاستعاضة ، وهذا معناه بان التركمان قد فقدت كل ارضه ، ان الصيحة التي تطالب القيادات التركمانية بالوحدة وتوحيد الخطى والرؤى المستقبلية صيحات تستحق التقدير ، ولكن تحميل تبعات النكبة على القيادات التركمانية دون غيرها تحميل جائر نوعا ما ، ولا نقول بان القيادات التركمانية بريئة مما يحدث كبراءة الذئب من دم يوسف كما يقول المثل ، إن احداث ما بعد 10/6/2014 في نينوى وصلاح الدين والانبار ومناطق اخرى من الشرق الأوسط , احداث دولية ثقيلة اثقل مما تتصورها القيادات السياسية في العراق وكيف القيادات التركمانية ، ان الاستراتيجية التي وضعت وخططت على هذه المناطق تفوق المساحة والقدرة التركمانية ، وبل تفوق المساحة والقدرة العراقية والشرق الاوسطية ، والكل يعلم بان الذي قام بإطلاق داعش هذا الكلب المسعور على مناطق حرجة كالعراق وسوريا وإطلاق يده بهذه القساوة القرقوشية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ليست القيادات التركمانية !!!، إنما استراتيجية قديمة وضعت ضمن خطة كسينجر وخارطة الشرق الأوسط الجديد ، وبحركة سياسية واحدة ( اطلاق داعش ) تم جر إذن الشيعة والكرد معا عندما هدد بغداد واربيل من السقوط اما السنة فانهم الخاسر الاكبر حيث فقدوا الصاية والسرماية كما يقال ، اما نحن التركمان قد فقدنا كل شئ ولم يبقى لنا شئ في العراق إلا وهتك ، نعم كان ضرب أستاذ بارع وجر اذن لاذع لكل من يريد ان يتمرد على بيت الطاعة .
في هذا المصاب الجلل الذي اصاب التركمان مافائدة تحميل احدنا وزر الاخر ، وهل القاء اللائمة على القيادات التركمانية ترفع المسئولية عن الاخرين ، وهل ان اصحاب الصيحات العالية منزهون ومبرئون من دم يوسف ، انها صيحات تدل على نية الضعيف وليس فعل القوي ، لان فعل الأقوياء الا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ، ففي هذه الردهة من الزمن لابد توضيح مايلي :
١- التركمان قيادات وأفراد متساوون في المسئولية والواجبات وكل حسب موقعه وحجمه يتحمل الواجبات الملقاة عليه ، وعلى الجميع العمل على تقليل شدة الحدث الواقع بنا نحن التركمان ، انها احداث جسيمة ابتلينا نحن التركمان لابد تقسيمه بمراحل وفترات زمنية ضمن خطة لعمل مستقبلي قادم ، وان حل الحدث والنكبة كلها في ان واحد وضمن فترة زمنية واحدة ضرب بالخيال ، فالصدمة كبيرة وحلولها تستغرق فترة زمنية طبيعية ، علينا الا نتخبط ونطالب المعجزة بالحل ولسنا أنبياء الله .
٢- لابد بناء قناعة عند الانسان التركماني بأنه نصف الحل وهذه القناعة لا تتم إلا بيده بارادته ، واما النصف الثاني يقع على عاتق القيادات التركمانية والحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني والدول الصديقة ، ان هذه القناعة لايمكن تبنيه بالكلام والمؤتمرات والتجمعات العامة عند الفرد التركماني إنما بورشات خاصة وعمل فردي دؤوب يبدأ من داخل العائلة التركمانية ، واهم نقطة في ترسيخ هذه القناعة هي جعل اولويته العودة الى ارض الاباء بل حثه ليعد العدة ويهيأ مستلزمات هذه العودة رغم تبعات صعوبة الحياة والخوف عن المستقبل ، وعليه ان يعلم بقناعة راسخة ان بقاءه خارج ارضه محنة يجلب له الذل والهوان ويثار حوله التساؤل والشكوك ، من هنا أسئل اصحاب الصيحات العالية واقول فبدلا ان توجهوا السهام القاسية على صدور القيادات التركمانية ، تحملوا جزءا من المشروع ووجهوا النداءات والاستغاثات لبناء هذه القناعة عند الفرد التركماني وشاركوا مع هذه العوائل في مأساتهم لتوضيح صعوبة الطريق الذي أمامهم وحثهم للعودة بالسرعة الممكنة وبهذا سوف يكون لهم جسرا لبناء وترسيخ هذه القناعة .
٣- الان على القيادات التركمانية دون استثناء وليس فقط اعضاء مجلس النواب و أهل المناصب الحكومية إنما كل القيادات التركمانية ، قيادات احزاب ومنظمات ، قيادات نسائية وشبابية ، قيادات في المساجد والحسينيات ، قيادات في الحشد والقادة العسكريين ، قيادات في السوق والحقل ، قيادات في الرياضة والفن والمجتمع التركماني ….الخ ، هذه القيادات مسئولة عن تحمل تبعات الظرف الطارئ الذي نحن فيه وتوجييه باتجاه الصحيح ، واهم نقطة اشتراك بين القيادات التركمانية هي تبني النصف الثاني من المشروع اعلاه ، اي تهيئة مستلزمات بناء قناعة العودة وهذا يعني تهيئة كل السبل الذي يلزم لاعادة التركمان الى أراضيهم وتبني كل المبادرات التي تبادر لجعل التركمان قادر على تخطى المِحنة ، على القيادات التركمانية تهيئة المجتمع التركماني وكل من موقعه نحو البناء والتاهيل وتحمل تبعات هذا البناء ، ان التشكي ولهو الحديث عند عامة التركمان والضجر من اصغر منة يمنى به والقاء اللوم على القيادات التركمانية امر لا يفيد نفعا بل يزيد سوءا ، وان تحمل الاخرين المسئولية عمن سواه تعقد الأمور ، على القيادات التركمانية بمعناها الاشمل كما ذكرناه اضافة الى ما ذكر هو العمل على تلطيف الجانب النفسي والروحي وخاصة العوائل التي فقدت عزيزها واختلت توازنها ، أمور مهمة لبناء الارادة التركمانية وهو امر يقدر عليه الكثيرون ، اما البناء والتغير والتاهيل أمور أساسية على كاهل القيادات العليا وعليها تبني استراتيجية بناء واضحة المعالم مع الحكومة .
٤- ان تنظيم علاقة تنموية مستدامة مع الحكومة العراقية لاعادة تأهيل الانسان التركماني وإعادة تأهيل حياته المعاشية وبكل جوانبها من واجب القيادات التركمانية العليا اقصد اعضاء مجلس النواب والوزراء وأعضاء مجالس المحافظات وكل من يحمل صفة حكومية بارزة ، كما ان تبنى مشروع موحد ضمن خطة مدروسة يتكفلها الحكومة العراقية من خلال وزارة التخطيط بجدولة متطلبات هذا المشروع المستدام ويخصص له موازنة استثمارية ويحدد لتنفيذه وتتم ذلك عبر دوائر ومؤسسات حكومية مقتدرة قادرة على التأهيل والتطوير والبناء وفق تلك الخطة وبشكل محسوب ومخطط واجب القيادات التركمانية ايضا ، هنا يأتي دور تلك القيادات التركمانية العليا في تأمين المبالغ المراد تخصيصها لاعادة تأهيل المناطق التركمانية ، ان اعادة تأهيل وإعادة إعمار الانسان والبنى التحتية في المناطق المحررة والتي مساحتها أكثر من ١٠٠٠ كيلومتر مربع من أراضي التركمان في طوز وامرلي وقرى وعشائر البيات ضرورة تفرضه الواقع الاجتماعي وإلا تبقى هذه المساحة معرضة لعودة الارهاب وخالية من الانسان والحياة ، وبالمقابل يبقى اصحاب الارض نازحين خارج اراضيهم وهم يكلفون الحكومة بالمال والتبعات وبنفس الوقت تزداد معاناتهم يوما بعد يوم ، إن اعادة اهالي هذه المنطقة الى اراضيهم يمنح لاهاليهم الاستقرار وللقيادات التركمانية تادية الواجب وللحكومة حسن الاداء .
5- على القيادات التركمانية العليا الا تبقى اسيرة القوانين والانظمة والتعليمات الحكومية وكل ما اوتي من الحكومة فخير ، ولكن الظاهر ان الحكومة تعاني من مشكلات مالية تؤدي الى عرقلة عملية البناء في العراق والمناطق التركمانية ، ان تاسيس منظمات المجتمع المدني لاعادة بناء الفرد والانسان وتاهيل البنى التحتية في المناطق التركمانية امر في غاية الضرورة ، لابد على القيادات التركمانية تبني مؤسسات خيرية وفتح صندوق خيري لجمع التبرعات وادخال الامم المتحدة في اعادة الاعمار وفتح مكاتب للدول الصديقة في المناطق التركمانية لتقديم المساعدات ، ليس عيبا ان ان نفتح ابواب مناطقنا التركمانية للمساعدات الدولية مادامت النية صادقة لمساعدتنا ، ان محنتنا ابنائي تركمان العراق فوق ما تتصورون لابد ان نكون جادين في ايجاد الحلول كل الحلول ، لو رجعنا قليلا الى اوائل التسعينات كيف تمت اعادة اعمار اقليم كردستان لنرى جليا ان المساعدات التي قدمت الى الاقليم كانت له الاثر البالغ في تطويره ، ان ما نراه اليوم من ازدهار وتطور في الاقليم الا نتائج تلك المساعدات الدولية ، ابنائي لابد من اعمار في مناطقنا التركمانية ، لابد ان يسير هذا الاعمار وفق متطلبات المرحلة التي نحن فيها ، فاعلموا ان الفترة القادمة تفرض علينا ان نكون مرنين وفاعلين من اجل التركمان ومناطقه الحبيبة وهي هم الجميع .