22 ديسمبر، 2024 10:01 م

ماذا تمثل واقعة كربلاء ؟

ماذا تمثل واقعة كربلاء ؟

بقلم : احمد المـــلا
لا يخفى على كل عاقل إن العالم بأسره وبكل توجهاته مقسوم إلى سماطين, سماط الخير وسماط الشر, سماط الهداية والرشد والصواب وسماط الغيّ والبغي والعدوان وفقدان العقل والإتزان, ولكل سماط هناك قادة ورموز وكذلك قواعد جماهيرية, فمنذ خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم ” عليه السلام ” الذي يمثل خط الخير وجد خط الشر المتمثل بالشيطان وإستمر خط الخير بعمله واستمر خط الشر بمعارضته والعمل على وأد كل ما هو صالح وفيه هداية للناس …

ونحن كمسلمين – وحتى أصحاب الديانات الإبراهيمية – نعتقد بأن الأنبياء والرسل والصالحين يمثلون خط الصلاح والإصلاح والخير ومعارضيهم يمثلون خط الفساد والإفساد والشر, فكان آدم ” عليه السلام ” وكان إبليس, وكان إبراهيم ” عليه السلام ” وكان النمرود, وكان موسى ” عليه السلام ” وكان فرعون, وكان عيسى ” عليه السلام ” وكان بيلاطس البنطي , وكان محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وكانت قريش…

وبما إن خط الأنبياء والرسل إنتهى بخاتم الأنبياء والرسل محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم ” فهذا لا يعني نهاية الخط الخير والصلاح بل كان له إمتداد مثله آل البيت ” عليهم السلام ” فكانوا هم محط أنظار سيوف ورماح ونبال من يمثلون الخط الشر والفساد, وهذا ما تجلى واضحاً في واقعة كربلاء سنة 61 هـ حيث قتل الحسين بن علي ” عليهما السلام ” بطريقة وحشية على يد أعتا الجلادين والمفسدين, فكانت واقعة الطف كما يصفها السيد الأستاذ المحقق الصرخي خلال إستدلاله على مشروعية الحزن ‏‎والبكاء وعقد المجالس وبالمصادر السنية والشيعية في بحثه الموسوم” الثورة الحسينية ” حيث قال :

{{… طفّ كربلاء تمثّل الخير والشرّ والصراع بينهما, إن الغاية والهدف لـيس الطـفّ كواقعـة حصلت وليس الإمام الحسين “عليـه الـسلام” كـشخص معصوم مفترض الطاعة، قُتل فعلينا ذرف الدموع على تلك الحادثة المأساوية الحزينة ، بل إن طفّ كربلاء تمثـل الخـير والشرّ والصراع بينهما منذ خلق آدم إلى يوم الـدين ‏، في الأرض والسماء ، عند أهل الأرض وعند سكان ‏السماء ، وإن الإمام الحسين (عليه السلام) يمثـل الـصدق والحـق والقسيم والمحكّ بين الخير والشرّ والجنة والنـار وفي جميع تلك العوالم …}}.

فمعركة الطف هي بمثابة المرآة التي عكست الصورة الحقيقية لذلك الصراع الأزلي بين الخير والشر ولما يحصل من صراع الآن بين الحق والباطل ومن يمثلهما من شخوص وحركات وتوجهات, فمعركة الطف مستمرة إلى يومنا هذا لكن تحت عناوين ومسميات مختلفة, فهي معركة من مجموعة معارك ضمن حرب ضروس بين الخير والشر ولن تنتهي تلك الحرب حتى يأذن الله سبحانه وتعالى بالفرج وتكون الغلبة لخط الخير والصلاح وتكتب نهاية الشر وشخوصه.