أرتأيت أن أضع بين يديك –أيها القارئ الكريم – بعض المعلومات عن الطاقة المتجددة ، وهي جزء من ثقافة غزت العالم ، ويعمل على تطويرها العلماء والهواة على حد سواء ، فكوكب الأرض في خطر بسبب نهم الأنسان في استنزاف موارد هذه الكوكب حتى صارت على شفير النفاذ ، بالاضافة الى خطر التلوّث ، بشكل اصبح من الضروري البحث عن مصادر أخرى ، هي الطاقة المتجددة .
الطاقة المتجددة Renewable Energy كما يدل عليها اسمها ، تلك المصادر غير التقليدية للحصول على الطاقة ، وبشرط عدم الحاق الضرر في البيئة كالمخلفات السامة التي تخلّ بالتوازن البيئي والعوامل المسببة للأحتباس الحراري ، وبشكل لا يؤدي الى استنفاذ تلك الموارد وتقسم الى :
1. الطاقة الحيوية Biomass :وتقسم الى:
ﺁ. استخدام مخلفات الخشب والأعشاب اليابسة ، وتقطيرها اتلافيا (تسخينها بمعزل عن الأوكسجين) لأنتاج غاز قابل للأشتعال ، معظمه كحول الخشب (الميثانول ) ، وقد قمتُ شخصيا بنصب هذه المنظومة لحساب وزارة العلوم والتكنولوجيا .
ب. تخمير بعض الغلال الزراعية كالذرة لأنتاج كحول (الأيثانول) ، وفي جميع حالات انتاج الكحول ، يُستخدم كوقود لمحركات البنزين الأعتيادية (المجهزة بشمعات القدح Spark Plugs) ، بعد تحويرات بسيطة لأدارة المولّدات التقليدية ، أو لمحركات السيارات .
جـ.استخلاص الزيوت القابلة للأشتعال من تلك الغلال الزراعية لأنتاج وقود ثقيل لتشغيل محركات الديزل ويسمى في هذه الحالة (الوقود الحيوي Bio Fuel) ، وقد أستخدم فعلا على الكثير من الطائرات المدنية أو مولدات الديزل التقليدية .
د.تخمير مخلفات الحيوانات والمواد العضوية الأخرى في أبراج لأنتاج غاز (الميثان CH4) القابل للأشتعال
2. طاقة الرياح : يتم ذلك بأستخدام تورينات هوائية هائلة الحجم تشبه المراوح السقفية الا انها عمودية لحصد الرياح ، ويصل طول الريشة الواحدة الى 50 متر، وتمثل حوالي 15% من أجمالي انتاج الطاقة الكهربائية في المانيا ، وقد أضطروا الى بناء حقول هذه التوربينات في البحر .
3. طاقة المد والجزر: يتم ذلك بأستخدام ما يسمى (الأفعى البحرية) ، وهي عبارة عن سلسلة من القضبان المجوفة لتطفو ، تربط بينها مفاصل مجهزة بمولدات للطاقة ، فعند حدوث موجة في البحر ، تتحرك أجزاء الأفعى عند المفاصل جيئة وأيابا .
4. المساقط المائية : وتعتبر من أقدم انواع الطاقة المتجددة وأكثرها واقعية وعملية ، يتم حصد الطاقة منها بأمتصاص الطاقة الكامنة في المجاري المائية المتحركة من أعلى ألى اسفل بسبب الجاذبية ، وتقوم بتدوير عنفات ضخمة تربط ميكانيكيا بمولدات ، وتسمى ايضا الطاقة الكهرو- مائية.
5. الطاقة الشمسية : وتقسم بدورها الى قسمين :
ﺁ. الطاقة الشمسية الضوئية : وهي عبارة عن الواح شمسية مصنوعة من أشباه الموصلات Semiconductors ، تقوم بتحويل طاقة الضوء الشمسية الى تيار كهربائي مستمر مباشرة ، وتحتاج الى مجموعات من البطاريات (Battery Banks) لخزن الطاقة ، وتحتاج الى معدّلات تيار (عواكس Inverters) لتحويل التيار الى متناوب ، ورغم البحوث المكثفة لتحسين كفائتها ، الا أنها لا تزيد عن 20% ولكنها متداولة بكثرة كأستخدام فردي في المنازل.
ب. الطاقة الشمسية الحرارية : هذه الطريقة ذات كفاءة أعلى بكثير من سابقتها ، وذات كلفة أعلى بكثير ، وهي بدورها ذات طريقتين :
(1) . التقاط أشعة الشمس بواسطة مرايا مقعرة أفقية وعلى شكل مصفوفات ، وتكون بؤرها خطيّة أفقية تحتوي على انابيب زجاجية يمر بها زيت ذو درجة غليان عالية (حوالي 400̊ م ) ، ويضخ باستمرار الى مبادلات حرارية تنقل الطاقة الى مياه لتحوله الى بخار لتدوير عنفات وبالتالي الى المولدات الكهربائية .
(2). استخدام مجموعة مرايا عاكسة مستوية وبالالاف تؤلف بمجموعها منحنى قطع مكافئ عملاق (Parabolic) شبيه بتقعر صحن الستلايت ، كل مرﺁة تجلس على منظومة تحريك على محورين ، يسيطر عليها حاسوب لأبقاء بؤرة هذه المرايا في مكان واحد رغم حركة الشمس ، تقوم بأسقاط البؤرة على قمة برج مرتفع ، تبلغ درجة حرارة البؤرة حوالي 2000̊ م، تحتوي قمة البرج على انابيب تتحرك بداخلها مياه ، فتتبخر مباشرة ، ويقوم البخار بتدوير توربينات بخارية معشقة مع مولدات .
6. الطاقة الجيو حرارية (Geothermal) : تستغل هذه الطريقة حرارة باطن الارض ، حيث يُضخ الماء الى اعماق الارض الذي يسلك سلوك خزان طبيعي لهذه المياه ،لتتحول الى بخار يقوم بتدوير توربينات بخارية ، المشكلة في هذه الطريقة أن هناك مناطق محددة على الخرائط لتلائم هذه الطريقة ، خصوصا المناطق الواقعة بين الصفائح التكتونية ، ومن الممكن نظريا ، أن كل الكرة الأرضية ملائمة لهكذا طريقة ، ولكن تحتاج الى سبر أعماق كبيرة تحت الأرض .
طرق خزن الطاقة الشمسية :
1. أستخدام بطاريات خاصة ذات الاستنزاف العميق (Deep Cycle Batteries) ، ومن الصعب أستخدامها في المقاييس الكبيرة .
2. أستخدام الطاقة الشمسية لأجل صهر نوع من الملح وتحويله الى سائل (بدرجة 400̊ م) وخزنه داخل خزانات معزولة حراريا (تشبه الترموس) كي لا تتسرب منها الحرارة ، وتستخدم حرارتها ليلا لتوليد الكهرباء ليتحول بعدها الملح الى الحالة الصلبة .
3. في بريطانيا ، استخدم خزان طبيعي يقع بين ثلاث قمم من الجبال ، وبأرتفاع 500م عن سطح البحر لخزن المياه التي تضخها مضخات كبيرة بواسطة الطاقة الفائضة نهارا ، وتستخدم ليلا كمحطة كهرومائية ، مستخدمة زخم هطول المياه من هذا الخزان .
4. تحليل الماء كهربائيا لأنتاج الهيدروجين (H2) ، وتحويله الى سائل بالضغط والتبريد ، ويمكن استخدامه كوقود لمحركات الأحتراق الداخلي ذات الأشواط الاربعة (4 Stroke Engine) أو تحويله الى كهرباء بأستخدام خلايا الطاقة (Fuel Cell) ، تقوم هذه الخلايا بأمتصاص غاز الهيدروجين من خزان الهيدروجين والأوكسجين من الجو لتولد التيار الكهربائي ، ويخرج الماء النقي كناتج.
المساوئ:
1. حدوث مشاكل أخلاقية خصوصا فيما يخص الطاقة الحيوية ، لأن هذه المصادر تتطلّب زراعة مساحات كبيرة من الغلال الزراعية لغرض انتاج الوقود ، وبشكل يتعارض مع أزمة الجوع التي تعاني منها الكثير من دول العالم .
2. أنها مكلّفة جدا بشكل لا تكون في متناول اليد في العالم الثالث الا بشكل محدود ، فتركيب طاحونة هوائية لأنتاج 2 ميـگاواط قد تعادل سعر 3-4 مولّدات ديزل لنفس المقدار من الطاقة .
3. انحسار الهواء يعطل التوربينات الهوائية ، والظلام يعطل مولدات الطاقة الشمسية ، ولا تزال أمكانية خزن الطاقة في هذه الظروف تشكّل تحديا تكنولوجيا كبيرا ، كما رأينا .
4. تسبب التوربينات الهوائية ضجيجا كبيرا اثناء عملها ، بشكل أدّى الى خروج الكثير من القرويين الألمان بمظاهرات ضد شركات انشاء هذه التوربينات المنصوبة في قُراهم .
5. عند انشاء المحطة الكهرومائية ، يتوجب انشاء منخفض لخزن المياه أمام المضخة ، يجب غمره بالمياه لأرتفاع يصل الى أكثر من 100 متر ، ويسبب غمر مساحات شاسعة من الأراضي بالمياه ، وقد تختفي بيئات بأكملها ،وستحصل هجرة للسكان القريبين ، ويجب تعويضهم بمبالغ هائلة قد تقترب من تكاليف انشاء المحطة نفسها كما حدث في البرازيل .
6. تحتاج محطات الطاقة الشمسية بشقيها الحراري والضوئي الى تنظيف مستمرومُكلف ، بسبب تراكم الغبار ، لذلك تًستخدم روبوتات خاصة لهذا الغرض .
الخاتمة :
أين نحن من هذا السجال ، ونحن مشغولون بالاقتتال والفساد والفشل ؟ لقد استوردت أردأ انواع البطاريات والخلايا الشمسية لأنارة شوارعنا المظلمة ، وتوقفت عن العمل بعد فترة وجيزة من نصبها ، بشكل دمّر سمعة الطاقة الشمسية في نظر المواطن العادي ، لسنا كألمانيا التي قال وزير طاقتها ( لو كانت لدينا شمس الشرق الأوسط ، ما أعتمدنا على الوقود الأحفوري أوالفحم ) ، قال ذلك رغم نهمهم الشديد للطاقة ، لدينا هذه الشمس التي حبانا بها الله ، بالامكان استخدام طاقتها الهائلة لحل مشاكلنا في قطاع الطاقة ، وفي نفس الوقت ، سنحصل على الظل الذي تسقطه الخلايا الشمسية في صيفنا اللاهب .