23 ديسمبر، 2024 4:36 م

ماذا تريدون منا يا عرب

ماذا تريدون منا يا عرب

لم يتعرض شعب للقتل والتعذيب والتشريد على انتمائه وعقيدته كما تعرض له شعب العراق ، ولم يكن القاتل غريباً قد عبر الحدود ويتكلم بلغة أجنبية وينتمي لقومية مختلفة ويتعبد بدين أخر ، ولكن من قام بهذا الإجرام من أخوتنا العرب وممن يدعون بأنهم مسلمون مثلنا ويتجهون الى قبلتنا ويصومون شهر رمضان كما نصومه والشهادة عندهم كما عندنا ، قتلونا كما يشتهون أن يقتلونا وعذبونا بالطريقة التي تشبع غرائزهم الإجرامية وصبغونا بعناوين لم يستطع اي قاموس أن يجمع أسمائها ، لم يكتفوا أخوتنا بفترة من الزمان ولم يظهروا حدودها ولكن الذي نعرفه البداية كانت معلومة وقد عينها جميع الرواة وشخصها المؤرخون فكانت انطلاقتها في أرض السقيفة عند لحظة انتزاع الخلافة واستمرت عاصفة القتل والإجرام والسجن والتعذيب والتشريد مئات السنين الى هذه الأيام ومتى ستقف لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، أخوتنا اشتدوا غضباً وتعالت صرخاتهم وزاد قلقهم وارتجفت أيديهم عندما شاهدوا شعب العراق واقفاً يدافع عن نفسه ويضرب بقوة كل من يريد أن يقتل أبناءه ، وحملوا إيران كل المسؤولية لأنها ساعدت أخوتهم من شعب العراق في الدفاع عن نفسه وكذلك عن أخوته من أبناء أهل السنة في تكريت والأنبار ، رفضوا هذا التقارب ما بين إيران والعراق وعنونوه بالطائفية بل الاحتلال ، لأنهم بوجوده يستحيل عليهم الاستمرار بجرمهم اتجاه العراق وشعبه وهذا ما لم يتقبله أخوتنا الأعراب ، لقد حيرنا هؤلاء الإخوان نقدم لهم العلم والفقه والقضاء حتى يقول قائلهم لا عشت في زمن لست فيه يا أبا الحسن (ع) فيقدمون لنا معاوية الذي قال فيه رسول الله (ص) لا اشبع الله بطنه حكيمٌ للزمان ، نقدم لهم أجمل القصص بالعشق والحب والشعر والوفاء حتى اصبح مقولة مجنون ليلى على كل لسان أو جميل بثينة ، فيقدموا اسوء ما عرفته الإنسانية في البغض والجرم والعداء فكان الحجاج بن يوسف الثقفي ، نقدم لهم أعظم الابتكارات والاكتشافات العلمية في مختلف العلوم حتى أصبح بهم الزمان كالذهب مابين الدهور فأصبح جابر بن حيان قلب الكيمياء وابن الهيثم عيون الفيزياء وأبن سينا عقل الطب والقائمة تطول والعلوم بدونهم لم تدوم ، فقدموا لنا قائمة ممن حاربوا العلم والعلماء فكانوا بني أمية وبني العباس وختموها ببني عثمان ، نقدم لهم أجمل وأعذب وابلغ الكلام يرقص كالموسيقى في الآذان فكان الفرزدق والمتنبي والبحتري وأبو نواس والمعري وأبو العتاهية والحيص بيص والأسماء لها بقية لا تتوقف في ورقة أو قرطاس ، وهم يصرخون في كل يوم أنتم أعاجم لا تحسنون لغة الضاد ، نقدم لهم ائمة يهدون الى الخير وبفضائلهم يصدح التنزيل و بقربهم تتشرف كل أنساب البشر وتنحدر منهم أصول كل سادات العرب ، وهم في كل خطبهم يتصارخون فرس مجوس وقادتكم صفويون وهم لم يقدموا لنا إمام من ائمتهم ينتهي أسمه بعنوان من جزيرة العرب ، قدمنا لهم كل العلوم والأدب والفقه والأصول على طبق من مكارم الأخلاق ، وقدموا لنا كل جرم وتنكيل وعداء على طبق من مساوئ الكلام ، فبعد كل هذا يا عرب ماذا تريدون ممن يريد لكم كل خير وأنتم لم تقدموا له إلا القتل والتنكيل ، أيبقى أخاكم المظلوم ينتظر سيفكم ويفكر في طريقة قتلكم ويستمع الى أكاذيبكم وهل ستكتفون وتشبعون من دمائه واللحوم ، لقد أثبتت لنا الدهور ومن بينها الأيام وتليها الشهور أنكم لن تكتفوا يوماً من دمائنا ولا تهدأ غرائزكم عن تعذيبنا ، ولن يتوقف جشعكم في سفك دمائنا ولن يخجل من صبرنا وعطائنا وكرمنا ، فقد حيرتمونا يا من نسميكم بالإخوان ماذا نقدم لكم حتى نعيش معكم بالود والسلام ، وبعد كل ما قدمنا من حب وخير قابلتموه بالبغض والشر والشحناء فماذا تريدون منا بعد كل هذا  يا عرب .