الذي يغيب عن أذهان النسبة العظمى من أبناء المجتمع أن الوطن بما حمل يُعتبر غنيمة في عُرف الذين إستولوا على الحكم بعد ألفين وثلاثة , ومن حقهم الشرعي وفقا لنظرتهم التجارية للدين , أن يتحقق توزيعها عليهم وحسب.
ووفقا لهذا المفهوم تجري الأمور ولن تتغير أبدا!!
وما يُسمى إفلاس خزينة , لا يعنيهم ما دامت الغنيمة غنيمتهم وحصصهم لن يمسها سوء , أما أبناء المجتمع فيستحقون القهر والظلم والحرمان.
وعليه فأن الكلام عن الوطن والدولة والإقتصاد وتداول المفردات المتعارف عليها في دول الدنيا , لا قيمة لها ولا جدوى ترتجى منها , لأنها بلا معنى ولا يمكنهم إستيعابها , لأن نمطية ووعي الغنيمة هو المسيطر عليهم والفاعل فيهم بأحزابهم وعمائمهم مهما كبرت أو صغرت.
فهم يغنمون من فضل ربهم عليهم , الذي فتح عليهم أبواب جنات النعيم في الدنيا قبل الآخرة , لأنهم ناضلوا ضد الظلم وكابدوا الويلات , وجاهدوا في سبيل الحق الذي يتصورون , وشعارهم التبعية لأولياء نعمهم النجباء , الذين يقلدونهم ويتوطنون في تصوراتهم ويقدسون هذيانتهم.
فما قيمة الكلام عن إفلاس خزينة وإستقطاع رواتب المواطنين , فالأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد , مادامت رواتبهم المليونية في حرز وأمان , وأياديهم تزداد طولا كل يوم , والناس لا تملك سوى الكلام والفكاهة والضحك على الذقون.
ومعظم أبناء المجتمع يحسبون أنهم بقولهم قد فعلوا , فلا يستطيعون الفعل الحقيقي لأنهم سيواجَهون بقوة قمعية متوحشة كما حصل في جميع المظاهرات والإحتجاجات , والدنيا تتفرج وكأن شيئا لم يكن , بل وتشجعهم على فعل المزيد , لأنه يصب في مصالحها.
والأمور بخواتمها , وما يجري على أرض الواقع لا يتوافق والكلام الذي تطلقه العديد من القوى المحلية والإقليمية , فكل ما فعلته يؤكد المصالح والمطامع الأجنبية في المنطقة.
فاللعبة أكبر من أية لعبة , والضحية أكبر من أية ضحية , والدنيا تضحك على الضحايا التي تأكل بعضها , فلن يكون مصير القِوى بأفضل من فرائسها بعد أن ينتهي دورها , والمهمات الملقاة على عاتقها , والتي تنفذها بإخلاص وأمان.
ولعنة الله على كلّ خوّان ذليل!!