تتكاثف مشاعر اليأس لدى المواطن العراقي المأزوم ، ويتساءل بحرقة تبلغ مراتب النواح والفجيعة ، بعد كل نوبة حزن او رعب يعيشها في يومه الدامي ،ثم يردد مع نفسه بحيرة وبلاهة سؤال الفجيعة ؛ ماذا تبقى لنا ياامريكا .؟
الشعور بالخسارة اصبحت تشكل معادلا لأحساس الفرد العراقي بيومه الذي يتخطفه الموت والجنون والفوضى والفساد ، وهي تتصاعد يوما بعد آخر وسنة بعد أخرى .
بعد عشر سنوات يتعمق الألم والسؤال ؛ ماذا تبقى لنا ؟ بينما حلم الخلاص من الدكتاتورية وزمن الحروب الذي توهج مع سقوط النظام صدام لم يترشح عنه سوى فاصل كابوسي طويل مثقل بالخيبات والآلام والتمنيات ، وليس كما أوعدتنا امريكا بحياة آمنة حرة ديمقراطية .
كنا نغازل الوهم حين صدقنا امريكا ، وصرنا نتذوق الذلّ و نغتسل كل حين بالخسارة ونتوضأ بخرس الشيطان ، ونحن نرى امريكا تصنع لنا بضاعة سياسية رديئة ، ونظاما متهاوياً متخلخلا اخلاقيا و بنيويا .
عشر سنوات بدأوا بتفكيك الدولة وتدميرها تدميرا شاملا ، ثم فككوا المجتمع بصراعات وحروب طائفية ، ثم انتقلوا لمرحلة تفكيك الطائفة ، وانتهوا الى تخريب العائلة والفرد حين احالوا البلاد الى مسرح للقتل واسواق الحرام ، وورش للتزوير ، ومحاجر للتعذيب ودهاليز معتمة تحمل قسرا تسمية سجن الشرف ..، هل سمعتم يوما ان للشرف سجناً ..؟
عصر سريالي لا يتخيله العراقي ، سوى في الكوابيس الثقيلة ، خسرنا الماضي ونكهته وحاضرنا اصبح هشيما ، وموت يلازمنا وهو يكتب للمقبل من الأيام أسوأ التوقعات عن حواضن البؤس والعهر والفساد والجريمة لبلاد كان اسمها العراق .
قالوا ان الزمن الجديد سيطلق الحرية ، وهاهي الديمقراطية ونظامها سيفتح لكم طريقا نحو المستقبل ، ودستوركم ضمانكم في العدالة والسلام والعيش الكريم ، استغرقتنا الوعود والأوهام وترانيم الطوائف ووهم الديمقراطية ، تحاربنا طائفيا وتسابقنا نحو اللامعنى والجريمة والمتاجرة بالموروث والمواطنة ، خسرنا الماضي وحلمه المؤجل منذ سنين ، خسرنا الكرامة والأمن وانفسنا ، وربحنا النفط والدولار وامريكا ..!
خسرنا كل شيء يوم خسرنا العراق ، فقدنا الحرية والحب والحلم والمستقبل وتركنا الماضي في بحر الأماني والذكريات الأنيسة .. أواه يازمن الرحيل والخيبة ، حين يموت العراق ، تموت كل الأشياء ويفقد الوجود معناه .
أواه من الكابوس امريكا وهي تتفرج بمسرة على خيبتنا ، وتصغي لآهات تقهقرنا الذاتي ونشيجنا بالسؤال ؛ ماذا تبقى لنا ياامريكا ؟
ماذا تبقى وهذه الحكومة تفشل في كل شيء ، وتنجح بأنتاج طرق كارثية لنهاية وطن كان يسمى بلاد النهرين ، حكومة تقايض سلطتها بأهوال الجحيم والموت والأزمات لتبقى تتحكم بقرارات الضياع و الجريمة والفساد ، ..حكومة العصر الدموي و صناعة الحروب ضد الشعب بكل تنويعاته من سنة وشيعة وكرد واقليات .. حكومة تنشأ ابشع اسلوبا للاستبداد وانماط العداء للماضي والحاضر والمستقبل .
ماذا تبقى لنا ياامريكا ..؟ خسرنا كل شيء ولم نربح انفسنا ..!
[email protected]