نبوءاتٌ كثيرة تتحدث عن مرحلة مابعد داعش في الموصل ومعركتها المرتقبة ، وماستفرزه تلك المعركة الكبيرة من معطيات ستفرض وجودها بشكل قوي على ارض الواقع ، مما يشدد على ضرورة اخذ كل الاراء بنظر الاعتبار ، سواء كانت هذه الاّراء مصدرها صديق او عدو ، وذلك حتى لا نقع بالخطأ الذي مارسناه من قبل في السياسة الخاصة بإدارة هذه المحافظة المهمة والكبيرة والاستراتيجية عسكرياً ومدنيا .
هناك شخصيات مهمة _ مهنياً _ أشارت الى بعض الأخطاء التي وقع فيها المالكي في ادارة مدينة الموصل من قبل ، امثال مدير وكالة الاستخبارات الامريكية الأسبق بترايوس ، وقد وضع بترايوس يده على الخلل والمعالجة فيقول :” اذا ارادت حكومة العبادي ان تنأى بنفسها عن البعد الطائفي واطفاء شعلة الطائفية التي أحرقت البلاد عليه ، بعد تحرير الموصل ان يبعد الطرف ( الشيعي ) عن اي منصب امني في الموصل ، لانه سيعطي نتائج كارثية ، وان تكون جميع الطوائف والاقليات مشاركة في الادارة والحكم دون اقصاء او تهميش ، واعطاء تطمينات وضمانات حقيقية لها، وعدم الوقوع بنفس الخطأ السابق اذا اردنا القضاء على الارهاب ، _ ويقصد به خطأ المالكي _ والذهاب الى ما سماه اقليم نينوى لضمان عدم تهميش الاقليات وإحداث توازنات دائمة في ادارة تلك المحافظة المهمة .
الان ونحن على ابواب استعادة مدينة الموصل ومعركتها المرتقبة كآخر معقل لتنظيم لداعش الإرهابي في العراق ، تواجه المدينة بعد تحريرها المؤكد قريبا ، مرحلة معقدة وصعبة جدا ، وهي كيفية ادارة المدينة ، واعادة تأهيل المجتمع الموصلي ودمجه في المجتمع العراقي ، بعد انقطاع قسري مارسه تنظيم داعش معه على مدى سنوات ، وقطع عنه الاتصال بالعالم الخارجي ، في وقت تتصارع الكتل السياسية في السلطة على الاستحواذ على المناصب الحساسة في حكم المدينة وادارتها على مقاسها ، أو بتحويل الموصل الى عدة محافظات تابعة وخاضعة لنفوذ الاحزاب ، وهذا هو بالضبط ما يخافه اهل الموصل من فترة ما بعد داعش ، لاسيما وان الاطماع السياسية والدينية التي باتت تطلقها الجهات التي تتخوف من تكرار ما تعرضت له من اقصاء وتهميش واعتداء وتهجير وغيرها.إن هذه المخاوف المشروعة تنتاب جميع الطوائف والقوميات والمذاهب التي تزخر بها نينوى منذ الاف السنين لتشكل نسيجاً عراقيا خالصا ، في حين هناك اطماع اخرى لا تقل خطورة عما ينادي به تنظيم داعش الإرهابي ويمارسه في انهاء تواجد جميع الاقليات والاديان والمذاهب ، وهي الاهداف غير المشروعة التي من شأنها ان تشعل الحرب الطائفية والقومية في نسيج اهل الموصل ،و هذا طبعاً ما لا تريده كل أطياف وقوميات النسيج الموصلي .
إن اجتماع وزراء دفاع الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في قاعدة أندروز قرب واشنطن اعقبه جلسة مشتركة لوزراء الخارجية والدفاع استعدادا للعمليات القادمة ضد تنظيم داعش الإرهابي والمعركة الكبرى في الموصل اضافة الى التحضير لما بعد استعادة المدينة بما يضمن الاستقرار فيها ويحول دون احتمالية تصادم داخلي.
وتقول الأمم المتحدة إنها تحتاج إلى 280 مليون دولار بشكل فوري للبدء في توفير إمدادات ومنها عشرات الآلاف من الخيام والمئات من المراكز الصحية المتنقلة استعدادا للتدفق المتوقع للنازحين.قد تكون الرغبة في التحرك سريعا لاستعادة الموصل ضرورية لكن المخاوف من كارثة انسانية حاضرة وعلى مختلف المستويات وقد كان حاضرا وبقوة في اجتماع الدول الاعضاء في التحالف الدولي ويبدو ان المتحالفين يدركون ان الاستجابة الإنسانية لابد ان تكون بالمستوى وإلا فقد تشهد الموصل كارثة إنسانية ومشكلات محتملة بشأن إدارة الموصل سياسيا بعد استعادتها وترجح مصادر مقربة من الحكومة إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يخطط لتنصيب حاكم عسكري على الموصل ثاني أكبر مدن العراق والتي يعيش فيها خليط من السنة والكورد والتركمان وغيرهم ، كما يرغب في إرجاء بدء حملة الموصل إلى شهر تشرين الأول من العام الحالي .
يبدو أن الأيام القامه حبلى بالأحداث فيما يخص المعركة المرتقبة في مدينه الموصل والتي سيذهب ضحيتها الاف من الأبرياء بالإضافة الى الدمار الذي ستحدثه الاله العسكرية الكبيرة المحتشدة على اطراف هذه المدينة المنكوبة .