لم يترك رئيس الوزراء حيدر العبادي فرصة لخصومه ومنافسيه للنيل منه،من جهة تاخير تشكيل الحكومة بعد ان وفى بعهده واكمل التشكيلة الوزارية وحقق معجزة تسمية الوزراء الأمنيين في وقت قياسي، وهو الانجاز الذي فشل المالكي فيه ،على مدى اربع سنوات خلت.
واكمال التشكيلة الوزارية امر مهم في هذه المرحلة التاريخية العصيبة،التي يعيشها الشعب العراقي وهو يواجه اشرس هجمة ارهابية خسر معها العراق مساحات شاسعة وفقد الكثير من أحبائه وأبناءه في جرائم لا يمكن ان يتغافل عنها التاريخ على مر العصور ،تقف ورائها حكومة مهزوزة وضعيفة وغير مسؤولة.
الامر الاخر الذي يصب في مصلحة العراق وتجربته الديمقراطية وشعبه المظلوم وحكومة السيد العبادي،هو انهاء الخلاف مع اقليم كردستان ولو بشكل اولي،وعودة الوزراء الكرد الى بغداد من اجل ممارسة مهامهم ،واطلاق رسائل التطمين بانتهاء حقبة الازمات التي كانت تعتاش عليها الحكومة السابقة ،وتتناغم معها حكومة الاقليم بطريقة تصاعدية.
ان تشكيل الحكومة واكتمال بنائها مع ما حصلت عليه من دعم محلي وعربي واقليمي ودولي، قبالة التحديات الخطيرة التي تواجه العراق وشعبه،يتطلب من الجميع الاستفادة من عناصر كثيرة حظيت بها هذه الحكومة من اجل الاسراع بالقضاء على افة الارهاب ،والاسراع ايضا بتقديم الخدمات المفقودة ،والاسراع بالقضاء على الفساد المالي والاداري ،الذي ينخر بجسد الدولة والمجتمع والذي اصبح الافة الاولى ومحجة المأثم.
ان امام العبادي طريق متعرج ،وتحديات كثيرة ،وامامه فرصة تاريخية لعبور هذه المطبات والعراقيل الحقيقية ،والعبور بالشعب العراقي الى بر الامان ،وهذا ما يمكن النظر اليه والسعي نحوه،وهو بهذا يكون على خلاف من سبقه ،بل على النقيض تماما،لان الاول هو من وضع العراق بهذه المواقف العصيبة ،والثاني سيعمل على تخليص العراق من المأزق الذي يعيشه.
ان تحركات السيد العبادي تنبأ بواقع افضل،خاصة مع ما يظهره من التزام باوامر المرجعية الدينية العليا ،كونها صمام امان العراق والعراقيين ،وايضا التزامه بحق المشورة لشركائه الفاعلين ،واشراكهم باتخاذ القرارات المصيرية ،والامر المهم ،هو انتهاء مرحلة تشكيل الحكومة واكتمالها بتسمية الوزراء الامنيين ،وهذا هو الامر الاكثر اهمية في هذه المرحلة.
ويمكن اضافة عامل مهم الى عوامل نجاح حكومة العبادي المتوقعة،هو انتهاء حالة التخبط والقلق لدى الكرد ،وحسم امر توجههم الى بغداد نهائيا ،بعد ان أيقنوا ان الفرص الاخرى قد تلاشت تماما ،ولم يبق الا باب بغداد المفتوح لهم على الدوام ،وهذه الالتفاتة يجب على رئيس الوزراء النظر لها من زاوية اخرى،ليتمكن من الامساك بعصا القيادة بقوة واقتدار،وبعيدا عن الابتزاز والتهديد الذي يلوح به الاكراد كل ساعة وكل يوم.
ان ابناء الشعب العراقي،يحسبون الساعات ليلمسوا نجاحات حكومة العبادي،وهو امر صعب بكل المقاييس،لكنه في الاتجاه الاخر يظهر مدى الاحباط والخوف والانكسار الذي عاشه العراقيون خلال السنوات الماضية،وبحثهم عن نافذة امل ولو كانت في نهاية النفق.