إذا كان الرئيس الأمريكي قد أحرج الحكومة العراقية في أكثر من موقف وآخرها حديثه عن (قاعدة عين الأسد) وحجمها ودورها الإقليمي فأن القائم بأعمال وزير دفاعه قد وضع بغداد خلال زيارته الأخيرة في التقاطع الحرج والتداخل الأقصى ما بين الإقليمي والدولي..!! كيف..؟؟ لأن ما حمله ( باتريك شاناهان) لن يخرج عن مشاريع واشنطن وخطها الأحادي ورسالته ليست إلا ترجمة حرفية لما يردده رئيسه ترامب وهو ليس مفاوضا إنما حامل بريد سادته في البيت الأبيض وفي اعتقادي أن جدول زيارته ولقاءاته لم تتجاوز الحديث في النقاط الآتية:
الإطمئنان على سلامة التواجد الأمريكي على الأراضي العراقية والتعبير عن القلق من التصريحات والتحركات السياسية المعادية لأمريكا وفيما يبدو أن المسؤول الأمريكي رغب في سماع التطمينات والضمانات والتعهدات بشكل شخصي من الحكومة العراقية وأرجحُ أنّهُ حصل على ما أراد، وهذا الاستنتاج يختلف تماما مع ما يطرح في وسائل الإعلام وخلاف التعاطي الرسمي مع هذا الملف الحساس..
التأكيد على رغبة أمريكا في مواصلة التعاون مع العراق في ملف الحرب على الإرهاب وفي إطار (التحالف الدولي)..
حمل تصورات واشنطن عن الوضع في المنطقة والتي تستند على رفضها لأي إخلال في موازين القوى بالشرق الأوسط والعراق جزء من المسرح الإستراتيجي بحكم الجغرافية العسكرية والسياسية وما يسمى (مراقبة إيران) يندرج في سياق ضبط المعادلات القائمة وفقا للمزاعم الأمريكية وهذا الموقف يضع العراق تحت ضغوط شديدة وحادة والتحديات على هذا المقاس الحرج ..
أعتقد أن المسؤول الأمريكي جدد التزام بلاده بقواعد اللعبة التي حددها (البيت الأبيض) خلال الصيف الماضي وهي خلاصة الضوابط التي تحكم العلاقة ما بين واشنطن وطهران فيما يخص أمن الأفراد والمصالح والمنشآت الأمريكية في العراق..
وختاما أقول أن العراق يتحول تدريجيا لساحة مفتوحة للتجاذب الأمريكي الإيراني والطرفان يدفعان الأمور بهذا الإتجاه وليس أمام العراق إلا التصرف بحكمة وفطنة سياسية يتجنب فيها وخلالها التداعيات والأضرار المؤكدة والقاعدة الذهبية للتعامل مع هذه المواقف الشائكة والمعقدة هو النأي بالبلد عن صراع المحاور والقوى المتنافسة على النفوذ والهيمنة في المنطقة فتلك السياسة المحايدة هي الوسيلة الوحيدة التي تتيح للعراق القدرة على الصمود والتماسك أمام الزمن العاصف وإلا فالكل مهزوم في حروب الشرق الأوسط..