{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
سحق الطاغية المقبور صدام حسين، فئات الشعب العراقي كافة، ولم يرعَ حرمة لبراءة رجل ولا إنوثة صبية او يفاعة شاب ولا غضاضة طفل او وقار شيخ، متشبها بالشيطان، في الإقتصاص من سلام الافراد والمجتمع والدول.
فصدام.. في ما بعد.. وريث الظروف والملابسات التي استشهد فيها ماجد عبد الله الزهيري؛ إذ نال.. في عهده.. ابناء الطائفة المندائية.. الصابئة، حيف لا يقل عما كابدته مذاهب وقوميات العراق، من جور وعنف وقسوة؛ عملا بنصيحة معاوية بن ابي سفيان لولاته على العراق: “إقتلوا لأدنى شبهة”.
فعهد الطاغية إمتداد لتركيبة الدولة التي أسسها عبد الرحمن عارف، وما الشهيد نائب ضابط قلم، ماجد عبد الله الزهيري، مواليد اواخر الثلاثينيات، في العمارة / ناحية المجر الكبير، الا واحدا من قافلة الشهداء الذين قدمتهم الديانة المندائية، تضامنا مع ابناء الوطن كافة، بمجابهة الباطل في سبيل إقرار حق العيش بكرامة ورفاه، إنشادا للأمل، على مر تاريخ العراق الذي يتجدد فيه الظلم مع توالي الحقب.
إستشهد تاركا طفله الرضيع.. لم يكحل عينه برؤيته، ولم يعرف الولد أباً؛ إذ إلتحق ماجد بحركة انتفاضة “معسكر الرشيد” التي قادها حسن سريع، ضد عبد الرحمن عارف، راعي حزب “البعث” وحرسه القومي، الذي نتج عنه صدام إمتدادا طبيعيا.
فكل ما عاشه الشعب، في مابعد، على يد الطاغية، ناتج عن تلك المرحلة، التي حاول الزهيري، ومن معه بقيادة سريع، ان يصححوه ولم يصح!
أوان حلول موعد يوم تنفيذ الثورة، كان ماجد في “البصرة” لكن ألقي القبض عليه، وإقتيد الى التعذيب؛ حتى زهقت روحه خنقا، في حوض مملوء بالماء، يوم 26 شباط 1963.
رحل ماجد عبد الله الزهيري شهيدا، يثبت ولاء الصابئة لله والوطن، دينا تأسس بإرادة الرب، على يد نبيه يحيى بن زكريا.. يوحنا المعمدان، الذي عمد السيد المسيح.. عليهم الصلاة والسلام.
العراقيون طين الله على الارض وجمجمة الأسلام.. طيف ألوان، متآخ.. يتماسك متشبثا بإنتمائه، الى درجة أحبطت محاولات تفريقه، من خلال نماذج مشرفة مثل الشهيد الزهيري، طاب ثراه في جنان النعيم.