23 ديسمبر، 2024 1:34 ص

ماجدة صبحي تحيي تراث بيت صفافا

ماجدة صبحي تحيي تراث بيت صفافا

في العام 2020 صدر كتاب “زفّة وزغرودة يا بنات…أغاني وحكايا أعراس قرية بيت صفاف-القدس.” للكاتبة ماجدة صبحي، يقع الكتاب الذي يحمل غلاف الأوّل لوحة للفنّانة خلود إياد صبحي في 262 صفحة من الحجم الكبير، ولم يصدر الكتاب الذي كتب مصطفى موسى احمد عثمان تقديما له عن دار نشر.

واضح أنّ الكاتبة قد بذلت جهدا كبيرا في جمع وتصنيف وتدوين هذا الكتاب الذي احتوى بين دفّتيه على شيء من تاريخ بيت صفافا إحدى قرى القدس الشّريف، كما احتوى على عادات وتقاليد وأغاني وحكايات الزّواج في هذه القرية المقدسيّة بدءا من كيفيّة اختيار العروس مرورا بطلبتها وحتّى ليلة الدّخلة وما بينهما.

ومعروف أنّ قرية بيت صفافا عاشت خصوصيّة قد لا تكون موجودة في أيّ مكان في العالم جميعه، ففي اتّفاقات رودس عام 1949 جرى تقسيم بيت صفافا إلى قسمين من أجل الحفاظ على مرور القطار بين القدس ويافا، والذي يخترق منتصف القرية الواقعة بين القدس وبيت لحم. وبالتّالي فقد بقي جزء من أهالي القرية تحت حكم اسرائيل في حين بقي الجزء الثّاني تابعا للضّفة الغربيّة، التي أصبحت جزءا من المملكة الأردنية الهاشميّة حتى احتلالها في حرب حزيران 1967 العدوانيّة.

وماجدة صبحي بعملها البحثيّ هذا، تدرك ما لم يدركه كثيرون، فهي تخشى على تراثنا الشّعبيّ من الإندثار والضّياع لأكثر من سبب، منها:” بعد ملاحظاتي الشّخصيّة أنّ بعض الأغاني القديمة بدأت تتفلت من ذاكرة النّساء، خاصّة بعد انتقال الأعراس من ساحات القرية والبيوت إلى القاعات المستأجرة…”ص12.

وهنا لا بدّ من التّنويه بأنّ التّراث الشّعبيّ يتعرّض للسّرقة والطّمس والتّشويه بسبب النّكبات التي حلت بهذا الشّعب، وتشتيت الملايين من أبنائه في أصقاع الأرض. ومن هنا يأتي انتباه الكاتبة ماجدة صبحي إلى هذه القضيّة الهامّة، حيث قامت بجمع ما تيسّر لها من تراث قريتها وتدوينه، فالتّراث جزء من الهويّة الوطنيّة لأيّ شعب، وهو شاهد على حضارته في عصور مختلفة. وفلسطين التي تعاقبت عليها حضارات مختلفة تكاد تكون متحفا كبيرا يشكّل شاهدا على مساهمة شعبنا الفلسطينيّ العربيّ في بناء الحضارة الإنسانيّة. وهنا يجدر التّنويه إلى أنّ التّراث الشّعبيّ ينقسم إلى قسمين هما:

أوّلا: التّراث العمليّ ويتمثّل بفنّ العمار كالأبنية بما فيها دور العبادة كالمساجد والكنائس، أدوات الزّراعة، أدوات الحصاد، أدوات المطبخ: الأكلات الشّعبيّة وغيرها.

ثانيّا: التّراث القولي ويتمثّل بالمثل والأقوال الشّعبيّة، الأغنية والحكايات الشّعبيّة وغيرها.

وقد كان تركيز كاتبتنا ماجدة صبحي على الأغنية الشّعبيّة وخاصّة ما يتعلّق بطقوس الزّواج من طلبة العروس وحتّى ليلة الدّخلة، وهذا جهد كبير ومشكور. فهل ننتظر جزءا ثانيا من الكتاب يطرق جوانب أخرى من تراث هذه القرية؟

ومع أنّ ما قامت به كاتبتنا من جهد في هذا الكتاب ليس جديدا، فقد سبقها آخرون بجمع الأغنية الشّعبيّة في قراهم وبلداتهم، إلا أنّ عملها هذا يشكّل حافزا ودعوة غير مباشرة للآخرين؛ كي يجمعوا تراثهم الخاصّ بقراهم وأماكن سكناهم، فلكل مكان خصوصيّته وهذا ما انتبه له الأقدمون، فأبو الفرج الأصفهاني في كتابه “الدّرّة الفاخرة في الأمثال السّائرة” يقول “فلكل مصر من الأمصار أمثاله الخاصّة فلأهل مكّة أمثالهم ولأهل المدينة أمثالها…..”