مازالت اصداء الوثائق الرسمية السعودية والتي لم يتم التأكد منها لغاية الان وفي ظل عدم بيان موقف رسمي من المملكة العربية السعودية يجعلنا كعراقيين امام حدث من نوع اخر وجديد اذا اننا تعودنا ان تكون الاخطار والانفجارات التي تفتك بنا مجهولة المصدر ومجهولة العميل الذي باعنا وان كانت هناك اصابع اتهامات تعتبر تقليدية لمحورين الجوار الاقليمي والعربي ولكن ان تتضمن تلك الوثائق المسربة اسماء صريحة بهذه الصورة وفي هذا التوقيت الذي اعتقد انه لم يأتي بالصدفة وهو توقيت مدروس جيدا لبدء مرحلة جديدة تتناسب وحجم التحديات التي طرأت منذ اكثر من عام بعد دخول تنظيم ( داعش ) على خط المعادلة واعادة رسم خارطة القوى الارهابية التي تهدد امن المواطنيين وكيان الوطن بغض النظر عن النظام السياسي الحاكم لان النظام هم اشخاص يرحلوان ويأتي غيرهم انما المواطن والوطن هم الحياة بعينها التي بدونهم لامعنى ولاوجود لذلك الوطن والشعب ومن بين تلك التقارير المسربة والتي صنفت على انها (( سرية جدا )) تناولت الشأن العراقي وفي تحليل سريع لتلك الوثائق يجد المحلل نفسه امام حقيقة مفادها ان تلك الوثائق تضعك امام محورين لعملها الاول هو مضمون تلك الوثائق والثاني توقيت نشر الوثائق هذه حيث انها تؤكد ان الادارة الاميريكية وعلاقاتها الدبلوماسية تراقب وتتنصت على جميع دول العالم ولكن هل من المعقول ان الادارة الامريكية وبكل اجهزتها المتطورة واجهزتها الاستخبارية تقف مكتوفة الايدي امام من يقوم بنشر هذه المعلومات ومن هنا تبرز حقيقة واضحة انه هي محاولة مدروسة من الجهات التي ورد اسمها في الوثائق او الجهات الممولة لتلك النشاطات كي تقوم بخلط الاوراق واثارة موجة جدل جديدة في ظل انفراج الازمة النووية الايرانية الى حد ما بينها وبين الدول العظمى في العالم وابراز المملكة العربية السعودية على انها من تقود او تتحكم بالكثير من الجهات السياسية
لاسيما في العراق وبيان ان هؤلاء الاشخاص ليسوا اكثر من ادوات تقوم المملكة بتوجيههم من بعيد كي تعيد رسم السياسات في المنطقة وفي نفس الوقت غير مكترثة بالنتائج المتمخمضة عن تلك الازمات او السياسات والتي يدفع ثمنها المواطن العراقي من حياته ودمه وفي ظل غياب تام للدور الاممي او الدولي في انقاذ العراق من بحر الدم الذي يغرق فيه المواطن العراقي البسيط ومن هنا لابد على الحكومة العراقية ان تثابر وعلى الاجهزة المعنية ان تعمل ليلا نهارا لكي تثبت صحة تلك الوثائق وان تتخذ الاجراءات القانونية والدستورية المتبعة في العراق لكي يكونوا عبرة لكل من يفكر في خيانه بلده واهله ولكن ثقتي قليلة في ذلك كون هناك جهات نافذة على مستوى كبير في العملية السياسية وردت اسمائها في الوثائق المسربة
اما وقت نشر هذه الوثائق ففي الحقيقة ليس كما قيل من قبل مؤسسي موقع ( ويكيليكس ) من قبيل المصادفة، فان نشر الوثائق السعودية يصادف حدثين آخرين. هما دخول مؤسس ويكيليكس جوليان اسانج منذ ثلاث سنوات سفارة الاكوادور في لندن لطلب اللجوء بسبب الاضطهاد الاميركي، بعد أن احتجز لنحو خمس سنوات في بريطانيا من دون أي اتهام. فيما كان الحدث الثاني هو كشف شركة غوغل جبرها على تسليم المزيد من البيانات للولايات المتحدة من أجل المساعدة في مقاضاة فريق عمل ويكيليكس بتهمة التجسس الناتجة عن نشرنا لوثائق دبلوماسية أميركية ، الا ان الهدف الحقيقي من التوقيت هو كشف أسلوب ادارة السعودية لتحالفاتها والذي اعتمدته في عملياتها العسكرية الاخيرة في اليمن ، وذلك عبر الرشاوى والمشاركة في اختيار الافراد والمؤسسات الرئيسة في عدد من بلدان العالم ومنها العراق.