22 ديسمبر، 2024 11:03 م

مابين صبي التحرير والبطاط

مابين صبي التحرير والبطاط

عجت صفحات التواصل الاجتماعي العراقي باستنكارات واتهامات ومطالبات ومن كافة شرائح المجتمع العراقي وباعداد مهولة جدا حتى اصبح المتصفح لا يستطيع قراءة التعليقات والافكار والرؤى والاطروحات الفلسفية لمدى زخمها وكثرتها على نطاق واسع بسبب نشر مقطع فيديو يوضح حسب الظاهر ان مجموعة من افراد احدى القوى الامنية وهي تعتدي بالضرب على صبي يقال انه من متظاهري ساحة التحرير وباسلوب التعنيف .

وهنا لابد ان نتفق على ان هذا العمل الذي عرض مشين ولا يرتقي لاي مستوى من مستويات الانسانية والاخلاق والرحمه ومهما كانت الاسباب والمسببات ويجب ان يستنكر وخاصة ان الذين قاموا به وكما يدعى هم مجموعة من منتسبي القوات الامنية لكن من المفيد والضروري بمكان ان يستذكر الانسان اللبيب حوادث مشابهه حدثت قبل هذه الحادثة ولا سيما ان الفعل اصعب والشخصية اسما لنكون بموضع المنصفين واصحاب العقل والتدير ولسنا اصحاب العواطف المتشنجه فلو احببنا ان نجري مقارنة بسيطة بين ما حدث بالامس مع صبي التحرير وبين ما حدث في شهر كانون الاول نهاية العام الماضي من جريمة مروعة يندى لها جبين الانسانية في ساحة الوثبة تحديداً مع السيد المظلوم هيثم البطاط ذلك الصبي الذي قتل وذبح وصلب ومثل بجثته الطاهرة اشد تمثيل وعلقت على الاعمدة جريمة كان من الجدير بها ان تثير مشاعر المواطنين واستنكاراتهم ورفضهم لها اكثر من اي جريمة اخرى وكان من المتوقع ان تعج صفحات التواصل الاجتماعي وناشطي حقوق الانسان بكلمات وبيانات الشجب والاستنكار لانها حجما وتصويرا هي الاكثر تأثيرا واكثر رعبا .

لكننا لاحظنا على العكس فأن اغلب وسائل الاعلام الخبيثة والمدعومة من دول الارهاب والبعث الكافر التزمت الصمت حيالها عكس ما حدث لصبي التحرير والذي اتضح بأنه شخص متهم بسرقة دراجة وتم القاء القبض عليه بتاريخ 18/5/2020 اي قبل اكثر من شهرين من قبل مكافحة الاجرام وتم تدوين اقواله كمتهم وكمشتكي بنفس الوقت وحسب بيان لوزارة الداخلية اضافة الى اننا لم مرى او نشاهد مثل هذا الكم الهائل من بيانات الشجب والاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي لجريمة الوثبة علما انه شتان مابين السيد البطاط وبين لص الدراجات مع تقارب العمر وتباعد الشخصية .

هنالك مشكلة يعيشها الشعب العراقي للاسف الشديد وهي مشكلة تأثير الاعلام المعادي وقنوات الفتنة على عقول ونفوس ابناء شعبنا المغلوب على امره وبوسائل اعلامية شيطانية متمرسة ومدعومة مهمتها تأجيج الرأي العام والطعن بكل ما هو وطني وفبركة اي موضوع او مادة اعلامية كما واننا نعيش ونعمل بمنطق العقل الجمعي دون ادراك او تمعن او حتى استفهام في الكثير من المواضيع وفي شتى المجالات حتى اصبحت لغة التسقيط والسب والشتم هي اللغة الاسمى والمتعارف عليها .

اننا نخوض حرب اعلامية شرسة تسمى الحرب الناعمة تقلب الحق باطلا والباطل حقا فكيف يمكن ان نصدق فورا هذا المقطع الفيديوي دون ان نسجل ملاحظاتنا عليه قبل الجزم او التعليق فالمقطع يظهر افراد الامن وهو يرتدون الزي الشتوي !! وهذا مخالف لموسم الصيف الذي نعيشه والذي سجلت درجات الحرارة فيه فوق نصف درجة الغليان اضافة الى ان من المستحيل والغير مهني والقانوني ان يرتدي افراد الامن ( سوار ذهب ) وهو في واجب مكلف به رسميا كما ظهر في المقطع ناهيك عن ان الذين قاموا بهذه الحادثة هم غير معرفين ويرتدون اقنعة !! وان كانوا افراد امن او كما يقال قوات كفظ النظام فما هي العبرة من عدم اظهار وجوههم اذا كانوا في واجب رسمي ومكلفين باوامر امنية فاغلب المنتسبين الذي يقومون باعمال امنية لا يتسترون بهذا الشكل الذي يدعو الى الاستغراب !!

الكلمات التي رافقت الحادثة كلمات نابية تدل على انها مقصودة مع تعمد التصوير لنشره بعد ذلك وهو هدف خبيث اكيدا يراد منه تأجيج الرأي العام نحو جهة امنية معينة طالما خدمت ودافعت وضحت من اجل العراق .

كما ان هنالك مشكلة اخرى نعيشها الان وهي رئيس الحكومة المؤقت الكاظمي المتخبطة والغير مدروسة والتي تعتمد بالاساس على صبيانه المستشارين التشرينيين حيث وبعد انتشار مقطع الفيديو المذكور بساعة اصدر قرارا بأحالة قائد قوات حفظ النظام الى الامرة في حين الحادث قبل اكثر من شهرين حسب متابعين وهذه طامة كبرى وهي دليل على انه حكومة الكاظمي هي حكومة اعلام وبيجات وصفحات وقراراته تستند على ماينشر ويروج له وهذا خطر محدق بالسياسة العامة للبلد.

التسائل الاهم هو لماذا تم نشر وترويج هذا المقطع تحديدا في هذا الوقت ولماذا تزامن بثه بعد يوم من كلمة الكاظمي بتحديد موعد للانتخابات المبكرة ودعوته ايظا للمشاركة الفاعلة من قبل الشباب فيها وكأنه يريد ان يوصل رسالة مفادها هو انكم اليد الطولى في مواقع التواصل الاجتماعي لذلك عليكم تسقيط وتشهير وسب وقذف في اي لحظة نحتاجها منكم !!!

المنطق يقول بان نشر هذا المقطع له هدف خبيث اقرب الى الواقع وهو اعادة اعلام مظاهرات تشرين الى مساره بأستجداء العواطف بعد ان خسر الكثير من المؤيدين والجماهير بسبب افعالهم وتصرفاتهم المشينة والتغطية عليها والهاء الجماهير الفيسبوكية بهذا المقطع القديم .

نستغرب من الذين تعالت اصواتهم من الناشطين والمتحدثين بحقوق الانسان والمثقفين كيف يشجبون الالفاض الواردة في المقطع ويدعون الاخلاق والانسانية والادب بينما يتغافلون عن عشرات مقاطع الفيديو والمنشورة على اليوتيوب والتي يظهر فيها متظاهري تشرين وهم على خط التماس مع القوات الامنية وحجم الالفاظ النابية والقذف والسب والشتم والهتك بالاعراض فأين هم من هذه المقاطع ( أم ان بائك تجر وبائي لا تجر ) !!

وكذلك حالة العري التي رافقت المقطع والتي لاقت شجب مقطوع النضير فهي غير جديدة فهنالك مقاطع كثيرة تظهر حالات العري لما يسمى بمتظاهري تشرين قاموا بها لمام انظار القوات الامنية وخاصة المقطع الذي انتشر في حينه وكيف يظهر احد مرتادي ساحة التحرير سابقا وهو عاري ويلوح بمؤخراته للقوات الامنية دون مراعاة للذوق العام او تعامل اخلاقي ان الذين يرون اي حدث معين بعين واحدة مثلهم كمثل الروايات التي تحدثنا عن الاعور الدجال وكيف ينظر للامور بعين واحدة شيطانية شاهدنا الكثير من نماذجهم فرحين بجريمة الوثبة وقتل الطفل السيد هيثم البطاط فالعمى اكيدا ليس عمى العين انما عمى البصيرة.

والمتناقض بالامر ان اغلب الذين اعتبروا فعل يوم امس هو امتداد لأفعال واساليب البعث الكافر هم أنفسهم ترحموا قبل ايام على المجرم سلطان هاشم واكيدا البعض منهم قام بتشيعه بيننا تم رفض تشييع القادة الشهداء سابقا واستنكروا ذلك !!

الاعلام البعثي كان ولا يزال يستغل سذاجة الكثير وفكرهم السطحي المحدد وعقلهم الجمعي وكما يقال سياسة اتباع القطيع !!

فهي تبقى حرب أعلامية يرافقها جهل مجتمعي مركب للاسف الشديد الا ما ندر واكيدا هنالك استثناءات كثيرة محترمة ومقدرة ولا يمكن ان تقاس بالعموم لان لكل قاعدة شواذ .