كان يوم الثلاثاء 23 /7/2013 يوما من ايام العراق السوداء حيث تعرض سجن ابو غريب وسجن التاجي الى هجوم متزامن في الموقعين تضاربت الاخبار حولهما مابين من يقول بان الهجوم قد ادى الى هروب 1500 سجين ومابين الرواية الرسمية التي حددت عدد الهاربين بسبعة فقط ثم تلى ذلك اللقاء الذي جمع السيد رئيس مجلس الوزراء مع عدد من المثقفين والانتقادات الحادة التي وجهها السيد رئيس مجلس الوزراء الى قطاع الخدمات وخصوصا قطاع الكهرباء وما ان انتهى اللقاء حتى تضاربت الطريقة التي تعاملت بها وسائل الاعلام والتصريحات الصحفية من اشخاص مسؤولين وغير مسؤولين وتناولتها مواقع الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي مابين مؤيد مغالي ومابين معارض لم يستطع ان يخفي نبرة الشماتة وكانه مثل التي تفرح بمصاب اهلها متناسين ان العراق هو بلدنا الذي لانملك سواه والذي مهما عانينا فيه لايمكن ان نتركه وان تركناه يوما فسوف نعود اليه ان عاجلا او اجلا وان لاكرامة للعراقي الا في بلده واسئلوا كل من اضطره النظام السابق الى العيش في المنفى .
نعود الى موضوعنا فلو تناولنا الحدث الاول نرى ان هرب سجين واحد فقط هو مؤشر على وجود خلل في المنظومة الامنية للسجون وهذا الخلل يجب علاجه بالطرق العلمية وليس بالتصريحات التي تثير المجتمع وتعكس الصورة السلبية عن المجتمع فقد كنت اتمنى ان يصدر عن لجنة الامن والدفاع في البرلمان تحليل علمي للحادث يشير الى سبب هروب المساجين وكيف حصل الخرق في المنظومة الامنية التي كلفت الملايين من الدولارات وماهي مقترحات السادة اعضاء اللجنة عن كيفية معالجة الخرق وذلك اوقع للحجة على الجهات التنفيذية من الاستعجال بالتصريح حول ارقام من هربوا من الموقعين بدون ان يكون لتلك التصريحات سوى اثر احداث فرقعه اعلامية وكأن الهدف هو التشفي بدل من ان يكون هدفها النقد البناء . من ناحية اخرى نرى ان الجهات التنفيذية وبدلا من تقدم تفسيرا مقنعا لما حدث وبدلا من التحليل العلمي نرى ان التصريح اقتصر على القول بان عدد الهاربين هو سبعة فقط وكان القضية كلها هي هروب هؤلاء النزلاء وليس الخرق الكبير في فشل حراسات السجون في التعامل مع هجوم مخطط له بطريقة محترفه واضحه وفشل الخطة الامنية في المنطقة ككل والتي سمحت لمجموعة مسلحة تسليحا جيدا بالانتقال في المنطقة دون ان يتم ردعها من قبل نقاط السيطرة التي اثبتت نجاحها فقط في تعطيل حركة مرور المواطنين ومضايقنهم في هذا الجو اللاهب دون ان يكون لها اي اثر في الحد من حركة الارهاب والارهابين وكذلك فشل خطط الرد السريع في الاستجابة الى النداءات التي اطلقتها قوة الحراسة في السجون .
نعم فلنعترف بان هناك خلل وعلى الجهات التنفيذية الاعتراف بوجود الخلل والعمل على معالجة ذلك الخلل وتشخيص المسؤول عن ذلك الخلل ومحاسبة المقصر بغض النظر عن الجهة التي تحمية وبعيدا عن التوازنات السياسية بحجة المحافظة على العملية السياسية ولكن من الناحية الاخرى يجب على من يتصدى للنقد ان يكون حياديا وعلميا ويكون هدفه العلاج وليس التشفي فهذا موضوع يتعلق بالعراق ككل والضحايا هم العراقيون لذلك من يتصدى للنقد البناء ان لايكتفي بذكر الخلل ولكن يجب ان يعمل على طرح البدائل ولايطمع احد بان السفينة اذا غرقت فان الارهابيين الذين هربوا سوف يمدون له يد المعونه لانقاذه فالكل سوف يدفع الثمن .
الحدث الثاني هو ظهور السيد رئيس مجلس الوزراء على الشاشة موجها النقد الى الفشل في قطاع الخدمات وخصوصا الكهرباء وخصوصا ذكر بالاسم اقرب نوابه الى قلبه وبالرغم كل مايمكن ان يقال عن التصريح مابين مؤيد مغالي ومعارض مغالي فكان من الواضح ان الرجل يصرخ من الالم وهو وان لم يرد ان يقولها صريحه وان كان يحاول اخفاء المه بعبارات سياسية يمكن ينتقد عليها ولكن اليس هذه مرحلة متقدمة من الالم الذي يستدعي ان يتم التعامل معه بوطنية بدل من التشفي فكلنا نعلم بوجود فساد كبير ونعلم بان هناك انعدام في الكفائة التي وصفها السيد رئيس الوزراء بالغباء وكلنا نكرر نفس الكلمات من قبيل الفساد المستشري والجهات التي تحمي الفاسدين ولكن هل فكر احدنا بان مكافحة الفساد الاداري تستدعي الصدق في الطرح اي عندما تتوفر لدى اي منا معلومة يجب ان يذهب بها الى الجهات المختصة على ان تكون معززه بالوثائق وليس ادعاءات ليس لها مايدعمها فان تهاونت الجهات الرقابية عن القيام بواجبها وتهاون القضاء في معاقبة الفاسدين عند ذلك يتم اللجوء الى الشعب على ان يكون الحديث الى الشعب قائما على الصدق والصراحة . فاول شروط من يتصدى لمكافحة الفساد هو ان يكون هو نفسه نزيها واول علامات النزاهة هي الصدق مع النفس اولا ومع الاخرين وبناء على ذلك الصدق تنشاء المصداقية التي هي اول اسلحة مكافحة الفساد .
مما تقدم يجب ان ندرك اننا في مركب واحد اذا غرق المركب فالكل سيغرق ولن ينفع في هذه الحال لامال ولامنصب فهذا العراق ومصيره ننتقد نعم ندعو للاصلاح نعم نفضح الفاسد والمسيء نعم اما ان نتشفى ونلقي بالتهم جزافا في سبيل منصب او نصر سياسي فهذا مايرقى الى الخيانة التي ستلعن الاجيال القادمة مرتكبيها . والله من وراء القصد .