18 ديسمبر، 2024 8:12 م

مابين العمامة والسكير

مابين العمامة والسكير

أكثر ما يمكن أن تلاقيه على رفوف المكتبات في “شارع المتنبي” ببغداد، أو “سوق الحويش” في النجف، هي كتب علم الإجتماع، لما لها من إتصال مباشر بحياة الجماهير..
في إحدى رسائل بريمر لزوجته، يقول “هذا الرجل الذي يسكن أحد أزقة النجف”السيستاني”، قد أفشل كل الخطط التي جئنا بها حول العراق، وأنه يسبب لي الكثير من الإحباط، رغم أنهم يدعوه بالصامت، إلا أنه قد هزمنا أشد هزيمة”
علم الإجتماع يثبت بما لايقبل الشك أن الفشل ينتج الحقد والكراهية، لذلك لايمكن أن نتصور قبول أمريكا وحلفائها، بالسكوت حول فشل خططهم بسبب مرجعية السيستاني.. فكان لابد لهم أن يزيحوه عن طريقهم واولى خطواتهم هي بأن يسقطوه في أعين العراقيين.
مخاض ستة عشر عاماً من التجربة الديمقراطية العرجاء، أثبت فيها الإعلام أنه أداة الربح والخسارة، حيث يمكنك أن تصنع من “عركجي” مثالا للمدنية والنزاهة.. وأن تجعل “العمامة” مثالا للسرقة والفشل.. لذلك كان لابد من أن تكون هناك قنوات، ومواقع تواصل أجتماعي، لكسر صمام أمان الوطن (المرجعية).
بدأ الممول على “السوشيل ميديا” يتصيد بالماء العكر، ويحاول أن ينشر كل ماهو مسيء وينسبه إلى العمامة، ودائما مايستخدم العطر الفرنسي والبدلة الأمريكية، لتلميع صورة السكير، ستة عشر عاماً أصبح في العراق صورة نمطية، وأخرى واقعية.
الصورة النمطية تضخمت في عقول الشعب، حتى أصبحت السبحة والعمامة هي سبب فشل كل المؤسسات الحكومية والإجتماعية في الدولة، وأن “السكير” هو الحل لعراق آخر ممكن!
“على الرغم من أن السياسة يشترك بها الكرد والسنة والشيعة، لكن بقيت فكرة تلوح في الأفق مفادها أن الشيعة سبب الخراب.. كل هذا لأننا نشاركهم السلطة، كأننا لسنا أبناء هذا الوطن، ولا يحق لنا أن نشاركهم به!
السؤال الأهم ماذا قدم السكير، وبماذا ضحت العمامة؟
خرج العراق من حرب أهلية، بفضل كلمة صدحت من النجف “السنة أنفسنا” ووئدت بها الطائفية.. أين كان السكير حينها؟!
فتوى واحدة أنقذت العراق من فك الإرهاب الداعشي، الذي تربى وترعرع في كنف العم سام، وأنطلق ليلاقي حتفة على يد العمامة في وطننا.. فأين كان السكير حينها؟
816 خطبة للجمعة، كانت تصدح بمكافحة الفساد، وعدم إختيار المجرب الفاسد والفاشل، ولكن كما قال المثل الشعبي “حب وأحجي وأكره وأحجي”
رغم كل ما فعلته المرجعية، ما زالت عرضة للتسقيط والتشويهة من قبل الأجندات الخارجية، بالأمس كانوا يقصفون مقرات الحشد الشعبي، ويحاولون هزيمتنا بكلبهم الأعور داعش، ويزرعون الشك في قلوب شعبنا تجاه مرجعيتنا الرشيدة، واليوم بيتهم الأسود يصرح من أجل إنقاذ العراق.. غريب كيف يدسون السم بالعسل!!
رغم ما فعلته “العمامة” من أجل العراق، إلا أن أبواق الفتنة أنطلقت بتسقيطها بعد أول يوم من إنطلاق التظاهرات، وقناتهم كانت مثالا للعهر والإنحطاط.
كلنا أستمعنا لخطبة المرجعية الأخيرة، التي طالبت بمحاكمة الفاسدين علناً أمام الشعب.. لم تطالب بأن يتم محاسبة صغار الأسماك، بل كانت تريد أن تحاسب حيتان فاسدة، بقضاء عادل ونزيه.. ولكن كل هذا الذي قدمته العمامة، سوف يصبح طيّ النسيان، وبعد أول عقبة تواجه العراق سوف ننادي.. أين المرجعية، لماذا تصمت هذه العمامة! ما فائدتها في العراق ؟!