التاريخ يحدثنا ومنذ القدم، بأن الزمن لا يتوقف عند أحد، الجميع ذاهب بما يملكه من قوة وثراء ولابد أن يأتي البديل مهما طال الوقت.
الملوك تنتهي عصور ملكها، والقوي تضعف قوته، والغني تفقد ثروته، سنن تعلمناها من سالف الأزمان .
غير إن ضمان الاستمرارية يقتضي التنازل عن الحقوق الشخصية، وفسح المجال للآخر لكي يقود المسيرة بعد أن أخذ كل منهم نصيبه في السنوات السابقة.
كل ذلك ينطبق على الأفكار و الأيديولوجيات والأديان السماوية، كون عنصر الاستمرار التي تتمتع به يأتي من خلال نقل وتعليم تلك الأفكار إلى أبنائهم بشكل متتابع لضمان استمراريته وديمومة قواه ونفاذه إلى أذهان الأجيال المختلفة .
لكن حصر الفكرة وعدم نقلها للأخر تعني ذهابها في طي الظلام والانعدام والزوال الأبدي وهذا مؤشر على ضعف أصحابها .
إن التيارات السياسية الحاملة لأفكار وأطروحات تنسجم مع متطلبات كل عصر، تتطلع إلى تثبيت فكرها في عقول المجتمع وتسعى لنقلها إلى الأبناء لخلق مجتمع معتقدا بتلك المبادئ ومدافعا عنها.
معظم الأحزاب العراقية وفي مقدمتها أحزاب المعارضة قبل 2003، لم تسعى إلى خلق جيل جديد تعهد له زمام المبادرة في خلق أطروحات جديدة، ومن ثم منحه الفرصة لتحمل المسؤولية بعيدا عن الأجيال التي سبقته وأخذت نصيبها الكافي من الانتفاع بالمسؤوليات ومخصصاتها وبريقها.
من منطلق الإنصاف وقراءة للساحة العراقية، نجد أن ما قام به زعيم المجلس الأعلى سابقا وتيار الحكمة في الوقت الحاضر السيد عمار الحكيم، في أعاده خلق فكرا جديدا ذات جذور رصينة وفسح المجال للكوادر الشابة في مسك زمام المسؤوليات في النطاق الداخلي لتياره، ومن ثم السعي لاستيزارهم في المواقع التنفيذية يكون ذا محل إعجاب وتقدير ووعي عالي لمتطلبات المرحلة.
إن الدفع بالشباب إلى سدة المسؤولية يعد نقطة تحول كبيرة في العقلية السياسية العراقية، لكن الوعود بتمكين القيادات الشابة الكفوءة سواء على المستوى الداخلي للحزب والخارجي دون تطبيق فعلي لهذا المبدأ يعني قرب موت ذلك الكيان، وممكن تشبيه بالموت ألسريري للفكر.
ممكن القول أن من شاء ضمان بقاءه في سدة السياسة فعليه التفكير بعقلية مستقبلية ذات أبعاد تناسب التطور ألزماني، ومن تخلف عن ذلك فإن الفناء آت ولآت حين مناص.