يقول أديسون: (الكثير ممن فشلوا لم يدركوا مدى قربهم من النجاح عندما استسلموا للفشل)..
بالأمل وصل الانسان القمر والمريخ، وبالأمل خاض التجارب وأجرى العمليات في مجالات الطب والصناعة والتكنولوجيا، وبالتأكيد لم تكلل جميعها بالنجاح، بل كان الفشل الذريع محصول كثير منها، والذين حققوا النجاح هم الذي نفذوا من حلقات اليأس والقنوط بسلطان المثابرة وبذل المزيد من المحاولات، بغية الوصول الى مايصبون اليه. ومن المؤكد أن أغلب ساستنا قد اطلعوا على مقولة أديسون يوما ما، لاسيما وهم يتدرجون في مناصبهم، ومعلوم أن من يصدق مع نفسه بنية حسنة لبلوغ النجاح، يتوق الى رفد تجربته بالأقوال والدروس والمواعظ التي قالها سابقوه، وكذلك يقتفي أثرهم بالأفعال التي سجلها التاريخ في صفحاتهم. فمامن مشروع -مهما كان بسيطا- يقدم عليه أحدنا إلا رافقه بدءًا من أول خطوة يخطوها شيئان، بإمكاننا أن نسميهما توأمي المشروع، هما المحفزات والمعوقات. والأولى يندرج تحت جلبابها مسمى آخر يكاد يكون أهم المحفزات ألا وهو الأمل، وكما يقول الطغرائي:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
في سلسلة الإحباطات التي يمر بها بلدنا منذ ثلاثة عشر عاما، كان من المفترض أن يرعوي المتسببون بها، ويستفيقوا من سباتهم، ويعودوا عن غيهم الى حيث جادة الصواب والمسير الآمن لهم ولرعيتهم، فمن غير المعقول ولا المقبول أن تمر كل هذه السنوات دون النهوض بعد كبوة او اثنتين او عشر كبوات، بل أنها تترى بشكل مرعب ومستهجن أيضا. وإنه لمن المعيب أن يقع اللوم دوما على النظام السابق وحده، وأن تكون ذريعة التلكؤ والتعثر مردودة الى شخص رئيسه، فالتبريرات التي يتعلل بأسبابها سياسيو العراق الجديد مربوطة أغلب الأحيان بآليات حكمه، وأظن ثلاثة عشر عاما حريا بها أن تكون كفيلة بسد جميع الثغرات التي خلفها المقبور، وأن يستنبط خلفاؤه في سدة الحكم من أخطائه محفزات للوثوب بآلية جديدة الى حيث الأساليب الصحيحة في الإدارة والقيادة، فهل هذا ما حدث؟ للأسف، لم تكن أخطاء النظام السابق إلا دروسا ليس للاتعاظ، بل للتقليد والتطبيق بحذافيرها، وأول سنّة اتبعتها الحكومات اللاحقة تقليدا عن النظام السابق هي سنّة الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب. وهذا عين مااتبعه رئيس النظام آنذاك بغية هدم بنى البلد، التحتية والفوقية وما بينهما، علاوة على هدم الفرد الذي يشكل الخلية التي يتبلور عليها المجتمع برمته. وبذا توالد الخطأ وتناسلت الكبوات وصار البلد يخرج من مأزق لينزلق بآخر أشد خطرا، كما يقول مثلنا؛ (يخلص من الطاوه تتلگاه النار)..! وتداعيات الكبوات التي حدث -ومازالت تحدث- في ساحات العراق كافة، مرتبطة تماما بالمجريات السياسية لماهو شاغل بال الجميع. فتقلبات الأحداث وتضارب التوقعات والتخمينات صار حديث الكبير والصغير من العراقيين، وكيف لايكون كذلك؟ وقد وصل البلد الى حافة هوة سحيقة، أدركها المواطن منذ حين، إلا أنه ظل يسير خلف الوعود البراقة التي يغدقها عليه ساسته بشكل دوري كل أربع سنوات مجبورا ومكرها، بعد أن تكشفت له الأدوار التي اتفق على أدائها حاكموه خلف كواليس المكر، غير أن سؤالين كانا يدوران في خلد العراقيين طيلة سنوات الخديعة العجاف هما؛ ما الحل ومن البديل؟ وماجواب هذين السؤالين بعسير، ولكن تتالي الكبوات وتعاقب الإحباطات خلّف توجسا مريبا في نفوسهم، منعهم من حسن الاختيار والانتقاء، ورحم الله شاعر الأبوذية يوم قال:
يهالرايح لاخونه وصي اخونه
گله الوصخين كثروا ووصخونه
بين الموت طحنه والصخونه
يهدنه الموت اتچلب بينه هيه
[email protected]