4 نوفمبر، 2024 9:26 م
Search
Close this search box.

مائة عام على ميلاد الزعيم عبد الكريم

مائة عام على ميلاد الزعيم عبد الكريم

عندما نستذكر الشهيد عبد الكريم قاسم , نستذكره شخصية وطنية نادرة التكرار , مر فينا حالة وعي ويقضة وتغيير حداثي , ما كنا مؤهلين للأمساك بها ثورة وطنية وانجازات عظيمة ,  في عمقها ثقافة للتسامح والمحبة والأخوة وسلم مجتمعي عابر للتطرف الطائفي القومي والعمى الأيديولوجي , غادرنا عبد الكريم قاسم وترك فينا مشروع وطني , دليل عمل يهدينا الى مستقبل عراقي آمن  .
ونحن نستذكر الزعيم عبد الكريم وثورة 14 / تموز / 1958 , يصعقنا الوجع الأمريكي , امريكا الحرب والدمار وحضارة الرعب دائماً , ابتدأت مجزرتها في 08 / شباط / 1963 , مباشرة بعد ان اكمل النظام البعثي انجازاته الخيانية , اعلنت حربها تحت غطاء التحرير , اغرب مجزرة عرفها التاريخ العراقي , كل حرب نعرف فيها اطراف الصراع وحجم الضحايا, حرب التحرير !!! في 09 / مايس / 2003 , كانت الأغرب والأبشع , افرغت بواخرها هجين حكومة قطاع طرق , تماماً كما افرغ قطارها البعث وشلل القوميين وبعض المتأسلمين .
اطراف دولية واقليمية تتصادم مصالحها في العراق , وفي العراق ايضاً اطراف محلية تقاتل بعضها , دماء وارواح وممتلكات العراقيين جسور لعبور المشروع الأكبر , كم هي سفالة الأطراف التي تشترك في هذه الحرب الملعونة على شعب عريق تليق به الحياة…؟؟؟ .
لجنرالات الحرب فيها مقرات ومكاتب لادارة العمليات المشتركة من داخل المنطقة الخضراء وسفارة التحرير !!! , لجنرالات الشيعة والسنة , مسؤولية اشعال الفتنة لأرباك الشارع العراقي, جنرالات القوميين الأكراد, يفترسون العراق بتواطؤ ومساومة شركاء الغنيمة, جنرالات هجين الدواعش مجهول الهوية والتموين والتسلح والدعم اللوجستي, يمارسون فعلهم الساسي من داخل العملية السياسية, والعسكرية مواجهات دموية ميدانية على ثلث جغرافية العراق , جنرالات التبعية والعمالة , تدير عملياتها الحربية  من داخل الرئآسات الثلاثة , انها الحرب التي تجاوز عمرها احد عشر عاماً .
هناك الحرب المؤجلة , التي ستكون اكثر حسماً بخرابها ودمارها الشامل , ساحة مواجهاتها الدموية ستكون عند حدود المتنازع عليها , بين العراق واكراد الأقليم, ربما ستكون حرب الختام لتفصيلات المشروع الأمريكي , لكنها ستستغرق بالتأكيد, مع الباهظ في كلفة الدماء والأرواح والخراب المادي والمعنوي, سيزداد فيها العراق انهاكاً واستسلاماً, وستكون محطة الكرد القادمة , نقطة صفر المعاناة والتخلف , ولم يبق لهم سوى ذاكرة تجتر علم ونشيد لجمهورية مهاباد .
ونحن نستذكر الزعيم الخالد وثورة الرابع عشر من تموز الوطنية , يصفعنا احفاد ذات الوجوه الشباطية التي تتصدر الآن المشهد السياسي , ادوات مجزرة حرب قائمة , لا نتوقع لها فرج على المدى المنظور , واسوأ ما ننتظره فيها , تلك المواجهات المؤجلة بين العراقيين واكراد الشمال , ستكون تركيا وايران والأسر الخليجية وبالتواطؤ مع المشروع الأمريكي , اصحاب القرار في فصال سايكس بيكو (لا سامح الله) على مقاس المكونات العراقية .
المحافظات الغربية , ستستقر الأطماع التركية في موصلها , حالة نزاع مع التوسع الطائفي للجوار العروبي , ونزاع داخلي بدعم خارجي سيشتعل عند نقاط التماس مع الشمال الكردي (الأقليم) المؤهل اصلاً لأجزاء تتنازع عليها حيتان الأحزاب الرئيسية , الشعب الكردي لا خيار له غير الأستسلام لقدره مكبوساً في داخله القومي , فاقد رشده وبصيرته لا يرى ما يخطط له , كما هي الحال التي عليها الخبل الطائفي لأغلب مكونات الأمة العراقية .
مائة عام على مولد زعيم وطني , تجمعت في شخصيته يقضة حضارية وحالة تراكمات وعي مجتمعي , يمكن ان نقول , انه قد سبق زمانه , كما ان زمانه قادم , المشروع الوطني لثورة 14 / تموز لا زال نشيطاً من داخل شرايين حراك المجتمع العراقي , ومثلما فقدت اوراق مرحلة التخريف القومي مضامينها عبر نصف قرن من الخداع والأكاذيب والتبعية والعمالة والتآمر ومصادرة الحقوق والحريات والوعي , وجعلت العقل العربي , عفن في جماجم اثرية , فمرحلة الأسلام السياسي بكل طوائفه ومذاهبه , انهكتها واستهلكتها رذائل الفساد والأنحطاط الأخلاقي الأجتماعي , كأسوأ ما يمكن ان يكون عليه الوسيط الذي خول نفسه بديلاً عن رب العالمين , وسيط لا يحترم العقل ويخشى الوعي ,  وهنا ينبغي الا نتجاهل حكمة “تجري الرياح بما لا تشتهي السفن” , العراق البيئة التاريخية للرفض والأنتفاض والثورات , لا يوجد في قاموسه ان “للسيد دار مامونه” .
رياح الوطنية العراقية , ومهما كانت حالات الأحباط وخيبات الأمل , قادمة بأتجاهها الصحيح , فمنطق التاريخ العراقي يؤشر الآن الى حالة حراك مجتمعي , سيتجه اعصاره بما لا تشتهي سفن المشروع الأمريكي ــ الأقليمي والخذلان الطائفي القومي , الرأي العام العراقي , يتنفس الآن برئـة المشروع الوطني لثورة 14 / تموز / 1958 , الأمهات شربنا الزعيم مع مياه دجلة, ومن مراضعهن ستكتسب الأجيال ملامحه مثال وطني  .
الأضداد لا تتصالح , الفساد لا يحتمل النزاهة, الخيانة خذلان للوطنية , المشاريع الطائفية العرقية يلغيها المشروع الوطني, لهذا لا غرابة ان يتجاهل قطاع الطرق ذكرى مولد شخصية عراقية وطنية نزيهة كفوءة شجاعة, كالزعيم عبد الكريم قاسم , انه ظاهرة وطنية تستفز رموز الفساد والأنحطاط والتخلف .
البحث الرصين الأنيق في حياديته للباحت الدكتور عبد الخالق حسين , التفاتة انصاف ازالت الكثير من الغموض المبرمج والتشويهات اللئيمة عن شخصية الزعيم عبد الكريم, كما سبق للدكتور عبد الخالق ان اصدر كتاب , وثيقة تاريخية شاركت بسلاح الحقائق والوقائع في الدفاع عن رجل لا يتكرر . (1)
بمناسبة مرور مائة عام ( 21 / 11 / 1914 ) على ميلاد الزعيم الشهيد الخالد عبد الكريم , نقدم لعائلته ومحبيه وفقراء العراق اجمع , احر التهاني واجمل الذكريات , ندعوهم جميعاً للأمساك بحبل الوفاء لقيم ونزاهة وشجاعة زعيم استشهد من اجل ان يحيوا بكرامة , وستبقى روحه الطاهرة سعيدة بحبهم والدعاء للعراق بالفرج والأمن والأزدهار .

أحدث المقالات