كنت ممن قُدر لهم أن يعيشوا مرحلتين دكتاتورية الحزب الواحد لأربعة عقود وديمقراطية الأحزاب بعد العام (2003 )،ولا زلت بفضل الله على وجه البسيطة،انعم بالحرية التي فقدتها بعهد الحزب الواحد.
حصلت على حريتي،التي أعدها أثمن من الحياة!،فقد كنت بزمن البعث لا استطيع النوم في بيتي ب “ملابسي الداخلية”،خشية المداهمة والاعتقال،وعادة ما كنت مهيأ نفسي،فأرتدي “تراكسوت رياضي” شرط أن يكون ذو “قيطان” رغم أني ليس لدي انتماء سياسي،فقد شاهدت بحكم قرب محل عملي من “معاونية امن الرافدين” الكثير من الشباب المعتقلين ينزلونهم رجال الأمن،وهم معصبون العيون،وتبدو بعض أجزاء أجسامهم بصورة مخدشة للحياء،ولطالما كان المنظر يؤذيني أكثر من الاعتقال،حتى أنني لا أقوى على مواصلة العمل فأعود إلى البيت بهم كبير!.
أزاحت السماء حجرة البعث عن صدورنا وتنسمنا هواء الحرية،بيد أن مساحة مظلومية الطبقة المعدمة ذاتها لم تتغير أن لم تكن فاقت مرحلة الدكتاتورية.
بالأمس القريب استوقفتني جملة ترددت على مسامعي،طالما سمعتها بزمن الدكتاتورية ( هي شعرة من جلد خنزير)!،وأنا أراجع مؤسسات الدولة الديمقراطية للحصول على حقوق ولدي الشهيد الذي لبى فتوى بقاء الدولة “الدفاع الكفائي” ،بعد أن منحت مؤسسة الشهداء قطعة ارض، وحديث عن مبلغ (30 ) مليون،مناصفة مع طليقتي والدة الشهيد والمتزوجة فيما بعد،مخالفاً “للقسام الشرعي” الذي قسم الإرث ستة أسهم خمسة للوالد وواحدة للوالدة، ووجود أخوته الست معي!،رفضت تلك القسمة الضيزى لحين تحقيق العدل.
ترى من هو الخنزير؟ عرفنا أن نظام صدام المجرم كان أشبه بخنزير،وكما سمعنا من أسلافنا الانحراف عن طريق الخنزير،لضمان السلامة،رغم أني لم انحرف عن طريق الخنزير في الزمنين،ويهز رأسي نواح “داخل حسن”، (أدوس أعله الخطر عمداً ونوحاي…..).
عجز المسئولون الذين راجعتهم عن سوق الدليل الذي،يجيز “مؤسسة الشهداء”،التجاوز على الدستور السماوي والوضعي في المادة الثانية،والفقرة ألف منه،سوى احدهم التقيته بالدائرة القانونية عندما قال (هي منحة)!.
قلت له من المانح؟ هل هو شخص حتى اكف عن اعتراضي؟ أم هي أموال الدولة؟ والدولة تستمد شرعيتها من الدستور العراقي،فمن أين تستمد مؤسسة الشهداء شرعيتها؟.
لا زلت أمارس واجبي المهني والأخلاقي لتحقيق العدالة وأنصاف الكثيرين ممن لحقهم ظلم تلك المؤسسة، ولن اضطر لأخذ شعرة الخنزير،فقد ولى زمن الخنازير إلى لا رجعة،سيما مع وجود حكومة تسعى جاهدة لإعادة النظام الديمقراطي إلى جادة العدالة،بعدما شوهته أرادات التسلط و(المحسوبيات والمنسوبيات والوكالات والاستثناءات)!.