من المقرر ان يعقد مؤتمر المانحين لإعمار العراق في الربع الأول من العام المقبل, وقد بدأت دولة الكويت التي تبنت عقده اتصالاتها على نطاق واسع مع دول العالم والبنك الدولي والعراق لاستضافته بأحسن صورة لإعادة اعمار المناطق المحررة من داعش الإرهابي.
حسناً فعلت الجهات المعنية بأختيار الكويت, فهي بلد لها تجربة بهذا المجال ومرت عليها ظروف الاحتلال الصدامي البغيض, فضلاً عن كونها تحضى بعلاقات دولية مستقرة ومناسبة ولها نفوذ يمكن استخدامه لإقناع الدول المانحة في زيادة ما تقدمه من منح للإعمار.
والميزة الأخرى انها تحركت منذ الآن, اي تستغل الوقت للتحضير الجيد, وهو دلالة على الجدية لإنجاح المؤتمر وتحقيق اقصى اهدافه لمنفعة العراق ومساعدته على تخطي المحنة التي هو فيها جراء الإرهاب والتطرف وفي هذا المسعى تقدير للمواقف العراقية وتعويض لبلادنا على ما بذلته في مكافحة الإرهاب التي ألحقت به خسائر فادحة, وجنبت العديد من الدول تمدد داعش الإرهابي.
ان كلفة اعمار البنية التحتية تقدر ب 100 مليار دولار, وهو مبلغ ضخم لا تحتمله الموازنة في العراق لوحدها, ولا بد من اسهام المجتمع الدولي بأقصى ما يمكن للتخفيف من انعكاس الخراب والدمار على الحياة الاقتصادية والمعيشية على العراقيين وتجاوزها بأسرع وقت ممكن, وعدم ترك اي مجال يتحرك من خلاله الإرهاب والتطرف مجدداً.
ان النهوض السريع للإقتصاد الوطني مسألة لا تخص العراقيين لوحدهم, ولا مردودها يقتصر عليهم, وانما السوق الوطنية كبيرة واسعة وستنعكس على التجارة والنشاط الاقتصادي مع كل البلدان التي تتعامل مع العراق.
ان المساعدات التي يقدمها الاصدقاء والجيران الذين يتصدون للإرهاب سيتذكرها العراق عندما تعود دورته الاقتصادية الى حيويتها ونشاطها الطبيعي, وبالتالي سيعمل على تعزيز الشراكات مع هذه الدول التي تقف الى جانبه الآن. وتنتفع من الآفاق الواسعة للحركة الاقتصادية مع العراق, وتعوض مساعدتها اليه, فضلاً عن الواجب الأممي والإنساني الذي يتطلب مثل هذا الموقف.
من جانب آخر, على الحكومة العراقية التنسيق الجيد مع الحكومة الكويتية وتحضير الملفات والمشاريع الاقتصادية لعرضها على مؤتمر المانحين ليس في قاعات الاجتماعات, وانما من الآن السعي الثنائي مع الكويت بتشكيل الوفود وتنشيط الاتصالات مع الدول المتوقع ان تكون مانحة للعراق وسخية في تنفيذ المشاريع التي تفيد بناء الخراب الذي خلفته الحرب على الإرهاب وتأهيل كل البنى التي تسهل عودة النازحين الى ديارهم واستئناف نشاطهم الاقتصادي المدر للدخل, كي يسهموا مجدداً في بناء العراق.
لا بد للحكومات المحلية صاحبة الأرض والمسؤولية المباشرة من المشاركة في الاعداد للحصول على المنح وكيفية تنفيذ المشاريع وتحديد الأولويات بالتعاون مع السلطات الاتحادية للاستفادة المثلى من هكذا مؤتمرات قد لا تتكرر في المدى المنظور, انها حقاً فرصة على جميع الفعاليات والجهات استثمارها لأجل البناء الاقتصادي.