16 سبتمبر، 2024 9:54 م
Search
Close this search box.

مؤتمر الأديان وحبات الرمل

مؤتمر الأديان وحبات الرمل

يحكى أن عصفوراً صغيراً سقط في حفرة، عميقة ضيقة في الأرض، وحاول كثيرون إنقاذ هذا العصفور، فقال بعضهم: نمد له خيطاً، ونلف الخيط حول عنقه ونسحبه، ولكن لو فعلوا لأختنق العصفور ومات، وقال بعضهم: نلقي للعصفور بشريط من الورق الطويل، ونضع على الورق صمغاً، يلتصق بالعصفور ونجذبه إلى أعلى، وبعض الناس أخذ يدعو الرب أن يحقق المعجزة و يُنقذ العصفور، وبعض الناس أدرك أن العصفور ميت لا محالة، فأخذ يبكي عليه ثم انصرف إلى عمله. جاء طفل صغير، ولا بُدَّ أنه فكر في كل هذه الإحتمالات، وإن لم يظهر عليه ذلك، ففكر وفكر، ثُم إهتدى إلى إيجاد الحل، الذي هو نوع من المعجزة، حيث جاء الطفل بزجاجة من الرمل الناعم، وظل يلقي الرمل بخفة، قليلاً قليلاً، وعلى مهل، وبصبر، فكان الرمل يهبط إلى قاع الحفرة الضيقة، فيتحرك فوقه العصفور، وبعد ساعات، إرتفع الرمل تحت قدمي العصفور، فإرتفع العصفور نفسه، وإمتدت يد الطفل وأنقذت العصفور، فالطفل بصبر ورفق رفع الأرض من تحت قدمي العصفور، فإرتفع العصفور. وهكذا نحن البشر، تأتي علينا فترات نظن فيها أننا سقطنا، ولن نتمكن من الوقوف ثانيةً، ويسارع الآخرون بالتدخل لإصلاح حياتنا، كما يتخيل بعضنا، لكن مساعدة بعضاً منهم تسبب لنا الاختناق أحياناً، وبعضاً آخر يقدمون حلول واهية، فهم بعيدون عن الواقع، وبعض يتضرع إلى الرب راجين منه أن يغير حالنا، بمعجزة من السماء، وبعض يرثي لحالنا لبعض الوقت، ثم يمضي في طريقه غير مهتم، ولكن هناك من يأخذ بيدنا بصبر، وعلى مهل، وبكل الحب لكي يرتقي بنا، فهؤلاء هم أحباؤنا، وهؤلاء هم رفقاء دربنا، فلنلتصق بهم، ونبادلهم الحب، ونشبك أيادينا مع أياديهم، لنرتقي معهم و بهم.

مؤتمر الأديان الذي تم تحت رعاية السيد عمار الحكيم، هو من ضمن حبات الرمل التي يريد بها الحكيم الصعود بنا فوق الأرض، وليخرجنا من الحفرة التي أسقطنا بها العتاة والحمقى من سياسيي الصدفة.

تسائل بعض السذج، ما الداعي من عقد مؤتمر صلح الأديان والصراع إسلامي إسلامي؟

عجباً لهؤلاء وأين هم يعيشون، أفعلاً هم معنا على الأرض، أم هم كذلك من فضائيوا هذا الزمن! أين هم من الذين تجاوزوا على شخص النبي الأكرم!؟ أين هم من المجازر التي ترتكبها داعش والصهيونية وبورما وغيرهم بإسم الأديان!؟ ألا يستدعي كل ذلك أن تعلن الأديان برائتها منه!؟ وأن ترسم الأديان خطوطها العريضة التي لا لبس فيها في التعايش السلمي بين جميع المخلوقات!؟ وكيف يكون الصراع إسلامياً والمعتدى عليه مسلم ومسيحي وإيزيدي!؟

ويتسائل متطفلٌ آخر، لماذا سُميَّ دولياً ولم نرَ فيه إلا الطوائف العراقية!؟

نقول له: عليك أن تعي قصة حبات الرمل، وتتعلم منها، فما هذا المؤتمر إلا خطوة، ستتبعها خطوات تحقق الغاية القصوى، التي بُعث من أجلها الأنبياء.

بقي شئ…

إن من يضع تحتنا حبة رملٍ واحدة يحاول من خلالها رفعنا، ستظل له فخراً طوال حياته.

أحدث المقالات