هل هناك وصاية من نوع معين على منظمات المجتمع المدني في العراق، وهل يحق لهذا الناشط او تلك المنظمة التصرف نيابة عن المنظمات ومصادرة رأيها ؟.
مثل هذه الأسئلة وغيرها وجدت من الضرورة بمكان طرحها أمام الرأي العام اولا والمنظمات ثانيا ودائرة المنظمات غير الحكومية ثالثا، أما الاسباب فهي كثيرة لكن في المقدمة منها الاعلان عن إنعقاد المؤتمر العام الثاني لقادة المجتمع المدني يوم السبت الماضي السابع عشر من آذار الجاري في المركز الثقافي النفطي.
من وجهة نظر موضوعية إن تنظيم المؤتمرات العامة يتطلب وجودا فاعلا للدائرة المعنية التي أجازت عمل المنظمات كونها الجهة المعنية الضامنة للقانون والتعليمات المنظمة لعملها، واذا أفترضنا جدلا خلاف ذلك فأن عقد أي مؤتمر ينبغي ان يسبقه مؤتمر تحضيري تنبثق عنه لجنة تحضيرية منتخبة تتولى التحضير والدعوة لمؤتمر عام، خلاف ذلك لا يحق لأية جهة الانابة عن الاخرين دون توكيل رسمي صادر عن كاتب عدل.
أسوق هذه الملاحظات بعد أن حضرت مصادفة ما سمي المؤتمر الثاني لقادة المجتمع المدني الذي خلا من القادة الحقيقيين ممن تتداول اسماؤهم وسائل الاعلام ومواقع التواصل الإجتماعي الذين قدموا تضحيات واضحة لأرساء دعائم المجتمع المدني منذ عام 2003 حتى الان وكانت لهم صولات وجولات واعتقل بعضهم وهدد أخرون، ولم تطرحفي المؤتمر أوراق عمل أو تلقى كلمات من قبل المنظمات والاشخاص الناشطين كما هي العادة حيث تجمع بعد ذلك ويتم أستنباط التوصيات من مضامين الاوراق والكلمات والمداخلات. ما شاهدته في هذا المؤتمر الأستعراضي شكلا ومضمونا هو القاء كلمة واحدة واعلان التوصيات وتوزيع الدروع البسيطة من النوع الرخيص على عدد من المشاركين الذين تحملوا مشقة السفر الى بغداد قادمين من المحافظات لينتهي “الحفل” بوجبة غداء، مع إن مصاريف تنظيم المؤتمر تحملتها الشركة الراعية ولا أدري كيف وافقت على رعاية مؤتمر ساذج لم يحضره الامين العام لمجلس الوزراء ولا المدير العام لدائرة المنظمات غير الحكومية الجهة المعنية الاولى بشؤون منظمات المجتمع المدني بعناوينها المختلفة بسبب أو بدون سبب فمثل هكذا نشاطات عامة ينبغي أن تنظم بحضور نوعي للدائرة المعنية لكي تتبنى مخرجاته وتراقب مستوى التزامه بالضوابط وتسهم في نجاحه.
ولو نظرنا للموضوع من زاوية أخرى ونقول إن “المؤتمر” كان محاولة سعت اليها اللجنة التحضيرية التي اعلنت عن نفسها داخل المؤتمر لجمع منظمات المجتمع المدني وتوحيد جهودها بهدف تشكيل “لوبي” ضاغط على الحكومة، ,اخذنا الامور بحسن نية فهل تحقق هذا الهدف ؟. أكيد لا .. لإن المنظمين أغفلوا أو تغافلوا عن المتطلبات الاساسية للنجاح وأكتفوا بالمظاهر والشكليات دون سواهما لذلك أتت النتائج باهتة لا معنى لها حتى إن القنوات الفضائية والصحافة أهملت الفعالية عدا قناة واحدة حضرت بسبي واعدت تقريرا مجاملا أكثر من أي شئ آخر.
لا أزيد، أقول فقط إن المجتمع المدني هو قرين للديمقراطية والمرسخ لها فاذا كنا جادين ببناء مؤسسات ديمقراطية في العراق ينبغي دعم منظمات المجتمع المدني ماديا ومعنويا وأمنيا.