23 ديسمبر، 2024 12:59 ص

مأساة  الطفل الانباري مصطفى وجدان والفرنسي جان فالجان

مأساة  الطفل الانباري مصطفى وجدان والفرنسي جان فالجان

اعاد  الطفل الانباري مصطفى وجدان  التاريخ الى الوراء ليحفز  اصحاب المروءة لقراءة رواية الكاتب الفرنسي  فكتور هيجو ” البؤساء ” التي تحكي قصة معاناة طفل لايختلف عنه في حجم  الماساة التي يعيشها جراء قساوة المجتمع  بعد المعاناة التي وصل اليها نتيجة ضنك العيش وصعوبة الحصول على رغيف الخبز ليطعم فيه عائلته النازحة من الانبار .. ورواية الكاتب الفرنسي فكتور هيجو التي كتبها عام 1862 لاتختلف عن رواية  الطفل مصطفى وجدان فقد استعرض هيجو في روايته قصة معاناة الطفل الفرنسي جان فالجان الذي اطلق سراحه من السجن بعد ان قضى 19 عاما حيث سجن اثر سرقته خبزا لاطفال اخته الذين عانوا من الجوع  مثلما سرق مصطفى وجدان  اربعة علب ورقية ” كلينكس ” بدافع الحاجة وصاحب الحاجة غالبا ما يكون اعمى .. ولم يكن  الطفل مصطغى وجدان يهدف من السرقة  الا لاشباع حاجته وحاجة اهله النازحين من محافظة الانبار الى محافظة المثنى .. 
وحتما ان الطفل مصطفى لم يكن يهدف من سرقته العلب الورقية ” الكلينكس ” استخدامها لاستعمالاته الخاصة  عند قضائه  حاجياته  المنزلية لانه في الاساس لايمتلك دارا فاخرة  تضم مرافق صحية  حديثة كتلك التي يستخدمها ابناء الذوات  كونه يسكن في  حيز مكاني ضيق قرب مكب للازبال وليس دارا فارهة  مزججة بالمرايا والزجاجيات والافرشة الجميلة .. وحتما ان الطفل مصطفى لايمتلك برادات محفوظة بها  انواع الاطعمة .. مصطفى انسان بائس اضطرته ظروف الاحداث التي وقعت في مدينته الى هروبه مع عائلته لاجئا او نازحا او مهاجرا سمها ما شئت فقد كثرة التسميات والمعاناة واحدة.. نزح الى مدينة جنوب العراق  ممنيا النفس ان يحظى من قبل المسؤولين فيها بالمساعدة  في توفير لقمة العيش له ولعائلته .. لقمة تسد جوعه ..  وملابس تستر عورته تمهيدا لعودته لمدينته مرفوع الرأس شامخا بكبريائه  بعد تحريرها من داعش .. لم يطلب مصطفى ان يكون ثريا ميسور الحال بسرقة اموال الدولة فسرقة رغيف خبز لاشباع الجياع من افراد اسرته اقل خطيئة من سرقة  تخصيصات مواد غذائية  ” مفردات البطاقة التموينية ”  يقدر حجمها بالاف الاطنان مخصصة لاشباع افواه ملايين العراقيين  سرقت من قبل مسؤول حكومي كان مكلف برئاسة وزارة من صميم اعمالها توفير لقمة العيش الرغيد للمواطنين عبر مفردات  ” البطاقة التموينية ” ومن المفارقات ان الطفل مصطفى مثل امام نفس المحكمة التي مثل امامها ذلك المسؤول الذي سرق مليارات الدولارات وولى هاربا يلعنه التاريخ بعد ان اصدرت المحكمة قرارا بالافراج عنه لقاء كفالة مالية لاترتقي الى حجم المال العام الذي قام بسرقته  وبقي  مطلق السراح يعيش حياة ” الانس والفرفشة ” خارج العراق  فيما  دخل مصطفى ذلك الطفل النازح  الذي لم يعش مباهج الحياة مثل اقرانه السجن  ليحكي  رواية الكاتب الفرنسي فكتور هيجو ” البؤساء ” لاقرانه الاطفال المسجونين في سجن الاحداث  بتندر والدموع تنهمر من عينية  ليس حزنا على ما يمر به من مأساة داخل الزنزانة بقدر تفاعل مشاعره الانسانية مع مأساة  الطفل الفرنسي جان فالجان .. 
مشاعر انسانية متبادلة وتواصل وجداني مع مأساة ذلك الطفل الفرنسي الذي شهد المأساة قبل اكثر من مئة وخمسين عاما .. لتتكرر مأساة الطفل جان فالجان في العراق  ولتشمل طفلا نازحا يعاني الجوع والحرمان هرب من ظلم داعش ليلاقي ظلما من ابناء جلدته اشد قساوة من ظلم داعش .. ظلما لم يرحم طفولته ولا وضعه الانساني  ليوضع بقرار غير انساني  في  محاجر رطبه مظلمه  وعيونه ترنو الى الباري عز وجل تطلب الشفاعة في زمن ضاعت فيه القيم الانسانية النبيلة  بعد ان اختفت الابتسامة من وجوه الاطفال وباتت وجوههم شاحبة وهم يتجمعون تحت حرارة الشمس  قرب نقاط الاشارات المرورية باعداد ملفته للنظر يحملون  العلب الورقية ” الكلينكس ” ليحكوا قصة  بلد يضم اكثر من ثلاثة ملايين نازح اغلبهم باتوا مشردين بلا مأوى في بلد يطفو على بحيرة كبيرة من النفط  .. وانا لله وانا اليه راجعون