23 ديسمبر، 2024 4:28 م

مأدبة إفطار سياسي …

مأدبة إفطار سياسي …

تكررت موائد البذخ والتبذير الرمضانية بين السياسيين في العراق,وأصبحت شبيهة بموائد الفنانين المصريين المعروفة,وان اختلفت الأفواه المدعوة للتبرك بتلك الجلسات,وتباينت نيات أصحابها أو القائمين عليها,
فمنهم من يبحث عن الأجر والثواب,ومنهم من يطلب وجاهة بين الناس لتمرير مشاريعه الخاصة,وآخرين يبحثون عن تثبيت حضورهم في الشارع, لغايات شخصية لاتمس للمناسبة بشيء,
هذه العادة الحسنة والسيئة في نفس الوقت,اشتهرت عند بعض القيادات الإسلامية النزقة في العراق,التي عادت بعد ان كوت جباههم بالحصى,ليمارسوا عملية خداع خبيثة ضد جماهيرهم ,المخدوعة بسواد جبهة الرأس (على إنها من اثر السجود),
حيث تمت عملية بيع الضمائر في مزادات محلية وخارجية,الغاية منها تعويض ما فاتهم من جاه الأمراء والملوك,أو لعلها عودة لجينة الأنانية المنتشرة بين العراقيين منذ القدم,
التي يقول عنها الكاتب ريتشار داوكينز في كتابه(الجينة الأنانية-ترجمة مركز البابطين الكويتي للترجمة)حول السلوك الايثاري ,والسلوك الأناني على مستوى الأفراد(وفقا لنظرية أنانية الجينات),
يبين من خلال شرحه  لنا حول الاعتقاد الخاطئ بالتطور الطبيعي للكائنات الحية ,الذي يقول بإنها تتطور لتقوم بما فيه مصلحة المجموعة,ولكن وفقا للنظرية الداروينية ,فأن الإيثار يختفي عندما تتحرك جينات  الأنانية, لتحدد مسار اخر من طبيعة التنافس بين الرغبات الشخصية ورغبات المجموعة أو المجتمع,أو مايسمى النضال من اجل الوجود,
وتصبح بمرور الزمن  الانتقائية الفردية أكثر انتشارا,تتصاعد قوتها ,وتتسع دائرتها بين الأفراد ,وتترسخ ثقافتها وديمومتها بشكل اكبر من الحالة الانتقائية الجماعية,
فترتفع أنانية المصلحة الفردية فوق كل الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية وحتى الدينية..وهذا ما يحصل لبعض السياسيين العراقيين!
مع إن الكاتب يقول إن تغيير الطبيعة الغرائزية للأجيال اللاحقة تبقى احتمالية ممكنة ,ولكن تحتاج إلى جهد وعمل ومقاومة للجينات المتوارثة,
إلا إننا نجد إن الحالة الانتكاسية في بلادنا,تكاد تكون عصية على الحل,فمن يركب سفينة الحكم يصبح الغرور والغطرسة الشخصية ,وحب السلطة ,أقوى حتى من الآدمية البشرية,
تسقط كل الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية عند بوابة الفساد والانحراف ,لايخجل المندفعين إليها من عيون شماتة الحضارات المتربصة بأمتنا البائسة,كيف يمكن ان يتقبل اي شخص أو فرد مهما كان وضعه السياسي, أو الاجتماعي, أو المادي,
ان ينظر إلى شعبه ,جيرانه ,وأبناء جلدته ,بنظرة استعلاء واحتقار ودونية,يترفع من إن ينزل إلى واقعهم الحياتي اليومي البسيط,
كنا ننظر إلى موائد الفساد أيام المعارضة العراقية,ونسمع ضحكات السخرية المصحوبة بدموع التماسيح الكاذبة على حال شعبنا المضطهد والمحاصر,
فيقول الناس إنهم بأفعالهم هذه سيخسرون جماهيرهم وشعبيتهم في الخارج,ولن يكون لهم موطئ قدم في الداخل,
ولكن الاستعمار  الذي استطاع ان يحرك الطاغية المقبور هنا وهناك ,كدمية مبرمجة الكترونيا,دمرت العراق وحولته إلى دولة من ورق,تتلاعب بها رغبات الانفصاليين والنفعيين والفاسدين,
استطاع أيضا أن يترك دميته هذه بلا حصانة سيادية حقيقة على الأرض,
بل أصبحت لعبة رخيصة بيد القوى الإقليمية والعربية المتآمرة على العراق,
لماذا لان السادة المسؤولين(ولنقل بعضهم)وقفوا أمام السيد بريمر بالطابور ليقبلوا يد الإمبراطور العظيم ,صاحب القرن الأمريكي الجديد…….
أية مائدة إفطار تلك التي تصرفون فيها ملايين الدنانير أو الآلاف الدولارات ,أو أكثر(لأنها قد تكون مصحوبة برشاوى),في جلسات سمر سياسية, استعراضية,والشعب يكويه حر الصيف كل عام,
والفقر يدق أبوابهم ونوافذهم دون وجه حق ,فالكل شريك وفقا للشرع والدستور بحصته من عائدات النفط العراقي,
أين هي العدالة الاجتماعية والرواتب المجزية للموظفين والعاملين أو العاطلين عن العمل,اين كفالة ورعاية اليتيم والمحتاج والعاجز,
ثم من أين لكم تلك الأموال التي تفتحون بها مكاتب للعمل السياسي المأجور,وتشترون بها أصوات الفقراء المضطرين لهذا الفعل السيئ,
انتم أيها السادة خرجتم على الدستور والأخلاق والعرف والدين
موائد الإفطار عرفت بأنها تعد للفقراء,وليست ولائم للطبقات البرجوازية الفاسدة,
ترى هل يحق للشعب العراقي ان يسأل من أين لك هذا,
أم ينتظر حقيقة الوجه الأخر لهم, الذي نتمنى ان تخطأ قناة العراقية يوما,لتظهر لنا حقيقة أخرى, غير التي تزعجنا بها كل يوم…
رمضان شهر التوبة والغفران أعيدوا أموال الفقراء إليهم,كافحوا أنانيتكم المفرطة,واحترموا أنفسكم وشعبكم,فلا كرامة دون هوية وطن يحترمه العالم,مهما كثرت أموالكم المرصوصة في البنوك الأجنبية والعربية,فعمر الحرام وحبله قصير ,سيقطعه الله عز وجل