22 ديسمبر، 2024 7:19 م

ليَكن ثمَن (التمَّن و القيمَة) مشاريعا للمحتاجين

ليَكن ثمَن (التمَّن و القيمَة) مشاريعا للمحتاجين

منذ ليلة يوم الخميس الماضية 13/10/2016، بدأت باب داري تُطرَق من قبل (أهل الثواب)، وهم يحملون الينا، أَوعية مصنوعة من الفلين البلاستيكي (دسبوسبول)، وقد ملئت هذه الأَوعية، بـ(التمن و القيمة)، اضافة الى أَوعية (الهريسة). أَصبح ما في هذه الاوعية من زاد، يفوق حاجة عائلتي بكثير.
سألت نفسي كيف سأتصرف بهذا الزاد الفائض عن حاجتي، وانا اصلاً غير محتاج اليه.
فكّْرت ملياً بالاشخاص الذين قدموا لي هذا (الثواب)، و طرأَت على خاطري الأسئلة التالية:
س1:
الشخص (ٍس) الذي قدم لي الثواب (التمن و القيمة)، أَلا يعرف، وهو جاري بأني غير محتاج إليه، و مكتفي بفضل الله تعالى.
الاجابة:
نعم، و لكن أَتصور انه يريد أَنّْ يُعلمَني، بطريقة غير مباشرة، بأَنَّه رجلٌ محبٌّ للامام الحسين عليه السلام.
سألت نفسي:
لكن هذا الرجل، يسكن في دار واقعة في منطقة التجاوز(غير مرخص السكن بها رسمياً)، و الكهرباء الذي يغذي منزله تجاوز(لا يدفع ثمنه لدائرة الكهرباء)، و الماء الذي طُبخَ به الثواب تَجاوز أيضاً.
فهل يجوز لي شرعاً أَكل هذا الطعام؟.
هذه التجاوزات التي أَعلمها، فكيف بالتجاوزات التي لا أَعلمها؟.
فمن يرتضي لنفسه اقتراف الصغائر من الذنوب، لا يتورع عن ارتكاب الكبائر منها.
سألت نفسي:
كم حالة تشابة هذه الحالة التي مرّت بي، خلال هذين اليومين؟.
الجواب:
قُلّْ : آلاف الحالات و لا تَخَفّْ، لا بل قُلّْ عشرات الآلاف، يوجد منها و لا تخَفّْ.
سأَلتُ نفسي:
أَلا يوجد بديل لترشيد هذا الثواب؟.
أَجبتُ نفسي:
لو فكّرنا لوجدنا البدائل، و ليس البديل الواحد؟.
سأَلتُ نفسي:
إِطرح بديلاً واحداً؟.
قُلت لها : أبسط بديل، أُلخِصَه بالنقاط التالية:
1. أَنّْ يقوم الخيريون الملتزمون الموثوق بصدقهم، في كل منطقة من المناطق، بتشكيل لجنة، تقوم بجمع مبالغ من المتبرعين، و ضبطها في سجل، و من ثم التفكير بفتح (كشك) لبيع المواد القليلة التكلفة، (كارتات شحن رصيد الموبايل، قناني ماء الشرب، علب العصائر…..الخ).
2. حتى نبرز الصورة الايجابية، لمسيرة أئمَّة أهل البيّت عليهم السلام، التي كانوا يطبقونها في حياتهم، لمساعدة الضعفاء من الناس. و حتى يكون الموضوع مرتبطاً باسم الإمام الحسين عليه السلام، لا بأس بأن يُطّْلَقَّ على هذا النشاط، عنوان موحد، مثل: (أَنصار الحسين يكفلون المحتاجين)، او غير ذلك من العناوين. حتى تبقى الصورة محصورة، في قضية نصرة الامام الحسين عليه السلام، عملياً لا شكلياً.
2. أَنّْ يدير هذا (الكشك) شخص متبرع من أُولئك الأخيار.
3. بعد مرور ثلاثة أَشهر، تُحسب ارباح المبيعات، و يخصّص نسبة بسيطة منها، لتطوير المشروع. و النسبة الأكبر، توزع على المعوزين، الذين لا سبيل لهم لكسب قوتهم اليومي، كالارامل المتقطعة بهُنَّ السُّبل، و الأَيتام الصغار، و المعاقين، و المرضى… الخ.
سأَلتُ نفسي:
وهل هذا العمل يرتضية الشرع المقدس؟.
أَجبتُها:
بما أَنَّه عمل مباح، و لم يدخل فيه حرام، فما الذي يمنع من القيام به. أَلمّْ يأمرنا النبي (ص) بقوله: (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته). و (خير الناس من نفع الناس)؟.
وهناك أمر آخر يجب الالتفات اليه، أَنَّ وجبة (التمن و القيمة)، التي تُقدّم لغير المحتاجين، تؤكل كوجبة واحدة، و ينتهي الموضوع، حتى عاشوراء المقبل. بينما رَيّْعُ الكشك (و إِنّْ يكن بسيطاً)، فإِنَّه مستمر على مدار العام، كما أَنَّ من الممكن تطويره، او ايجاد بدائل أخرى أفضل منه.
أَقول:
هذه الفكرة أَطرحها كمثال، او كمبادرة عمل، و يمكن دراستها وتطويرها، لتكن ذات نطاق أَوسع، وجدوى اقتصادية أَنفع و أَعمّ. ومن المؤكد، و أنا مطمئن تماماً، أَنَّ ثوابها سيكون للقائمين بها، أَضعافاً مضاعفة من توزيع، (التمن و القيمة) بأوعية (الدسبوسبول). فإنَّ الله تعالى (يكون في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه).
أما ما قُدِّمَ لي من (ثواب)، فسأُطعِم به العصافير و الطيور، لأَنها لا تعرف مصدره. و الله تعالى من وراء القصد.