19 ديسمبر، 2024 4:52 ص

ليوصد العرب الابواب بوجه إيران

ليوصد العرب الابواب بوجه إيران

التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف بعد عودته من جولته التي شملت موسکو و بکين و بروکسل من أجل الحصول على ضمانات من الاوربيين بشکل خاص لإنقاذ الاتفاق النووي، تبدو بنظر المراقبين مخيبة للآمال و يشم منها ريحة الفشل أکثر من أي شئ آخر، وهذا يعني إن المواقف العملية للدول الاوربية على أرض الواقع إختلفت عن تلك التصريحات التي أطلقوها على أثر الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي.
ظريف الذي قال بعد إختتام جولته: “نحن في المسار الصحيح، والأمر مرتبط بماذا سنقوم به خلال الأسابيع القليلة القادمة، بداية ناجحة، لكن لم نتوصل إلى نتيجة بعد، نحن في بداية العملية، ويجب أن نحصل على تلك الضمانات، سوف ترون كيف سنتقدم بشكل جيد”، وهذا يعني إن الاوربيين لم يقدموا شيئا ملموسا قبل أن يحصلوا على تراجع ملموس من طهران کما هو مٶمل ذلك إن الضمانات الاوربية مرتبطة بشکل جدلي بالتنازلات الجديدة(والتي تطالب بها واشنطن بکل وضوح)، والذي يوضح أکثر خيبة الامل للدبلوماسية الايرانية بتحقيق أهدافها هو ماقد أشار إليه علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الإيراني، بقوله: “أشك في أن تكون المحادثات مع الأوروبيين مثمرة. آمل أن نرى نتائج طيبة. علينا أن نصبح معتمدين كليا على أنفسنا”.
أما روحاني، فقد أعلن من جانبه يوم الاربعاء الماضي و بشکل يطغي عليه الاحباط، من إن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، توقع أن تنسحب إيران من الاتفاق_النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة. وهذا يعني بأن الموقف الايراني وکما کانت التوقعات، سيواجه صعوبة غير عادية أمام الانسحاب الامريکي ولايملك أية خيارات بديلة لمواجهتها إلا من خلال الاستسلام الکامل لواشنطن أو تقديم تنازلت مٶلمة لأوربا(وهي أيضا تصب في السلة الامريکية في نهاية المطاف)، وبطبيعة الحال لابد من الإشارة الى إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لايملك القدرات الکافية للسباحة بشکل صريح ضد التيار الامريکي بشکل خاص، بل إنه کان و سيبقى کما عودنا هذا النظام تصريحات صاخبة و زعيق إعلامي في الظاهر و الاستعداد في السر لتقديم تنازلات تکفل حفظ ماء الوجه!
في هکذا أجواء و في ظل هذا الوضع العصيب و الاستثنائي للنظام الايراني، فإنه سيسعى بکل الطرق و الاساليب من أجل إستغلال نفوذ في المنطقة و اللعب و المساومة بها کورقة من أجل التخفيف من وقع الصدمة و الضربة الجديدة التي بإنتظاره، ولابد للبلدان العربية ولاسيما العراق بشکل خاص، أن لايسمحون بأن يبادر هذا النظام لإستخدام و توظيف نفوذه في المنطقة و العراق لأجل أن يحصل على مکتسبات على حسابها، خصوصا عندما يجدون أن أوربا قد أوصدت أبوابها أمام ظريف في حين إکتفت موسکو و بکين بالاستماع لظريف فقط، وإن الاوضاع کلها مناسبة لکي تتقدم بلدان المنطقة خطوة أخرى للأمام ضد المشروع الايراني الذي صار مکشوفا.
هذا النظام و المٶيدون له، زعموا بأنه قد عبر الى ضفة الامان و إن برنامجه النووي قد إکتسب الشرعية، ولکن الموقف الامريکي جاء ليفند کل ذلك و يعيد طهران الى المربع الاول، تماما کما أرادت و تطالب المقاومة الايرانية التي وقفت و تقف بالمرصاد للنظام و تکشف عن کذبه و خداعه ليس في برنامجه النووي وانما في عموم القضايا الحساسة الاخرى، وبالاخص تدخلاته في المنطقة و العراق التي يجب أن تبادر الدول العربية و العراق خصوصا بعد أن ظهر واضحا بأن الشارع العربي عموما و العراقي خصوصا يسعى ليس للإبتعاد عن النفوذ الايراني فقط وانما إنهائه، الى إتخاذ مواقف أقوى وأن تنأى بنفسها بعيدا عن هذا النظام”المشبوه”، کأن تسعى لتإييد نضال الشعب الايراني و المقاومة الايرانية من أجل الحرية و التغيير، خصوصا وقد صار واضحا بعد الانتفاضة الاخيرة أن الشعب الايراني يرفض هذا النظام جملة و تفصيلا و يسعى حتى الى إسقاطه، ومن المفيد جدا لو بادرت البلدان العربية وبالاخص الاطراف الوطنية العراقية الى الحضور الفعال في التجمع العام للمقاومة الايرانية الذي سيقام في باريس في 30 من حزيران القادم من أجل التضامن مع الشعب الايراني و المقاومة الايرانية، إذ أن کل المٶشرات تدل على إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في النزع الاخير و إن بديله کان و سيبقى المجلس الوطني للمقاومة الايرانية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات